السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3752 باب: في تخمير الإناء

وقال النووي : (باب استحباب تخمير الإناء وهو تغطيته ، وإيكاء السقاء ، وإغلاق الأبواب ، وذكر اسم الله تعالى عليها ، وإطفاء السراج والنار ، عند النوم ، وكف الصبيان والمواشي بعد المغرب) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 181 ج 13 المطبعة المصرية



[عن أبي الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: أخبرني أبو حميد [ ص: 502 ] الساعدي، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بقدح لبن من النقيع. ليس مخمرا. فقال: "ألا خمرته، ولو تعرض عليه عودا!"

قال أبو حميد: إنما أمر بالأسقية، أن توكأ ليلا. وبالأبواب، أن تغلق ليلا ].
.


(الشرح)

( عن أبي حميد الساعدي) رضي الله عنه ؛ ( قال : أتيت النبي صلى الله عليه) وآله ( وسلم بقدح لبن من النقيع) . روي بالنون ، والباء . حكاه عياض . قال النووي : والصحيح الأشهر ، الذي قاله الخطابي والأكثرون : بالنون . وهو موضع " بوادي العقيق " . وهو الذي حماه صلى الله عليه وآله وسلم .

( ليس مخمرا . فقال : ألا خمرته ، ولو أن تعرض عليه عودا !) " التخمير": التغطية . أي : ليس مغطى . ومنه : " الخمر " ، لتغطيتها على العقل . " وخمار المرأة " لتغطيته رأسها .

[ ص: 503 ] والمشهور في ضبط "تعرض " : فتح التاء وضم الراء . وهكذا قاله الأصمعي والجمهور . ورواه أبو عبيد : بكسر الراء . والصحيح : الأول . ومعناه : تمده عليه عرضا . أي : خلاف الطول . وهذا عند عدم ما يغطيه به . كما في الرواية الأخرى : " إن لم يجد أحدكم إلا أن يعرض على إنائه عودا ، أو يذكر اسم الله ، فليفعل " . فهذا ظاهر في أنه : إنما يقتصر على العود ، عند عدم ما يغطيه به . وذكر العلماء للتغطية فوائد ؛

منها : الفائدتان اللتان وردتا في هذه الأحاديث . وهما صيانته من الشيطان ، فإن الشيطان لا يكشف غطاء ، ولا يحل سقاء . وصيانته من " الوباء " ؛ الذي ينزل في ليلة من السنة .

والفائدة الثالثة : صيانته من النجاسة والمقذرات .

والرابعة : صيانته من الحشرات والهوام . فربما وقع شيء منها فيه ، فشربه وهو غافل . أو في الليل : فيتضرر به . والله أعلم .

( قال أبو حميد : إنما أمرنا بالأسقية ، أن توكأ ليلا . وبالأبواب ؛ أن تغلق ليلا) .

[ ص: 504 ] هذا الذي قاله أبو حميد ، من تخصيصهما بالليل : ليس في اللفظ ما يدل عليه . والمختار عند الأكثرين من الأصوليين : هو مذهب الشافعي وغيره ؛ أن تفسير الصحابي إذا كان خلاف ظاهر اللفظ : ليس بحجة . ولا يلزم غيره من المجتهدين : موافقته على تفسيره .

وأما إذا لم يكن في ظاهر الحديث ما يخالفه ، بأن كان مجملا : فيرجع إلى تأويله ، ويجب الحمل عليه . لأنه إذا كان مجملا ؟ ؛ لا يحل له حمله على شيء، إلا بتوقيف . وكذا ؛ لا يجوز تخصيص العموم بمذهب الراوي ، عند الشافعي والأكثرين . والأمر بتغطية الإناء عام ، فلا يقبل تخصيصه بمذهب الراوي ، بل يتمسك بالعموم .

التالي السابق


الخدمات العلمية