السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3756 باب: غطوا الإناء ، وأوكوا السقاء

وذكره النووي في : ( الباب المتقدم) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 184 ، 185 ج 13 المطبعة المصرية

من [عن عطاء، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان جنح الليل- أو أمسيتم- فكفوا صبيانكم. فإن الشيطان ينتشر حينئذ. فإذا ذهب ساعة من الليل، فخلوهم. وأغلقوا الأبواب. واذكروا [ ص: 505 ] اسم الله. فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا. وأوكوا قربكم. واذكروا اسم الله. وخمروا آنيتكم. واذكروا اسم الله. ولو أن تعرضوا عليها شيئا. وأطفئوا مصابيحكم"].


(الشرح)

( عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما ؛ ( قال : قال رسول الله صلى الله عليه) وآله ( وسلم : إذا كان جنح الليل) بضم الجيم وكسرها - لغتان مشهورتان - وهو ظلامه . ويقال : " أجنح الليل"، أي أقبل ظلامه . وأصل الجنوح : "الميل ".

( - أو أمسيتم - فكفوا صبيانكم) . أي : امنعوهم من الخروج ، من ذلك الوقت . ( فإن الشيطان ينتشر حينئذ) . أي : جنس الشيطان . ومعناه : أنه يخاف على الصبيان من ذلك الوقت ، من إيذاء الشياطين ، لكثرتهم حينئذ . والله أعلم .

وفي رواية أخرى : "لا ترسلوا فواشيكم وصبيانكم ، إذا غابت الشمس ، حتى تذهب فحمة العشاء " . " والفواشي " : كل منتشر من المال ؛ كالإبل والغنم ، وسائر البهائم وغيرها . جمع : "فاشية " . لأنها تفشو . أي : تنتشر في الأرض.

[ ص: 506 ] " وفحمة العشاء " : ظلمتها وسوادها . وفسرها بعضهم هنا : بإقباله ، وأول ظلامه . وكذا ذكره صاحب " نهاية الغريب " . قال : ويقال للظلمة " التي بين صلاتي المغرب والعشاء " : الفحمة . والتي بين العشاء والفجر : العسعسة .

( فإذا ذهب ساعة من الليل ؛ فخلوهم) . أي : لا تمنعوهم من الخروج في هذا الوقت .

( وأغلقوا الأبواب . واذكروا اسم الله . فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا) . فيه : صراحة بغلق أبواب البيت في الليل ، وذكر اسم الله تعالى عنده ، لعدم قدرة الشياطين على فتح الباب المغلق .

( وأوكوا قربكم . واذكروا اسم الله) . فيه : تصريح بأنه لا بد من ذكر اسم الله ؛ على كل أمر ذي بال .

( وخمروا آنيتكم . واذكروا اسم الله . ولو أن تعرضوا عليها شيئا . وأطفئوا مصابيحكم) .

وهذا الحديث : فيه جمل من أنواع الخير ، والآداب الجامعة لمصالح الدنيا والآخرة . فأمر صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الآداب ؛ التي هي سبب للسلامة من إيذاء الشيطان . وجعل الله عز وجل هذه الأسباب أسبابا للسلامة من إيذائه ، فلا يقدر على كشف لإناء ، ولا حل لسقاء ، [ ص: 507 ] ولا فتح باب ، ولا إيذاء صبي وغيره : إذا وجدت هذه الأسباب . وهذا كما جاء في الحديث الصحيح : " إن العبد إذا سمى عند دخوله بيته ، قال الشيطان : لا مبيت " . أي : لا سلطان لنا على المبيت على هؤلاء . وكذلك إذا قال الرجل عند جماع أهله : " اللهم ! جنبنا الشيطان ، وجنب الشيطان ما رزقتنا ": كان سبب سلامة المولود من ضرر الشيطان .

وكذلك شبه هذا ؛ مما هو مشهور في الأحاديث الصحيحة .

وفي هذا الحديث : الحث على ذكر الله ؛ في هذه المواضع . ويلحق بها : ما في معناها .

قال الشافعية : يستحب أن يذكر اسم الله تعالى ، على كل أمر ذي بال . وكذلك يحمد الله تعالى في أول كل أمر ذي بال ؛ للحديث الحسن المشهور .

التالي السابق


الخدمات العلمية