السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3750 باب منه

وقال النووي : (باب جواز شرب اللبن) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 179 ، 180 ج 13 المطبعة المصرية

[عن شعبة، قال: سمعت أبا إسحاق الهمداني يقول: سمعت البراء يقول: لما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، فأتبعه سراقة بن [ ص: 510 ] مالك بن جعشم. قال: فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فساخت فرسه. فقال: ادع الله لي، ولا أضرك. قال: فدعا الله.

قال: فعطش رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمروا براعي غنم. قال أبو بكر الصديق: فأخذت قدحا، فحلبت فيه لرسول الله صلى الله عليه وسلم كثبة من لبن، فأتيته به، فشرب حتى رضيت].



(الشرح)

( عن البراء) رضي الله عنه : ( قال : لما أقبل رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم من مكة إلى المدينة ، قال : فأتبعه سراقة بن مالك بن جعشم) . بضم الجيم والشين ، وإسكان العين بينهما . ويقال " بفتح الشين " . حكاه الجوهري في الصحاح ، عن الفراء . قال النووي : والصحيح المشهور : ضمها .

( قال : فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه) وآله ( وسلم ، فساخت فرسه) . بالسين والخاء المعجمة معناه : نزلت في الأرض ، وقبضتها الأرض : " وكان في جلد من الأرض " . كما جاء في الرواية الأخرى .

[ ص: 511 ] ( فقال : ادع الله لي . ولا أضرك) . هكذا وقع في بعض النسخ ؛ بلفظ الواحد : "ادع الله ". وفي بعضها : "ادعوا الله " بلفظ التثنية ؛ للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وأبي بكر رضي الله عنه . قال النووي : وكلاهما ظاهر . ( قال : فدعا الله) . وفيه : معجزة ظاهرة لرسول الله ، صلى الله عليه وآله وسلم .

( قال : فعطش رسول الله صلى الله عليه) وآله ( وسلم ، فمروا براعي غنم) . هكذا في الأصول : " براعي " بالياء . وهي لغة قليلة . والأشهر : " براع ".

( قال أبو بكر الصديق) رضي الله عنه : ( فأخذت قدحا ، فحلبت فيه لرسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم كثبة) بضم الكاف وسكون الثاء ، وبعدها موحدة . وهو الشيء القليل ( من لبن ، فأتيته به ، فشرب حتى رضيت) . أي : شرب حتى علمت أنه شرب حاجته وكفايته .

وشربه صلى الله عليه وآله وسلم من هذا اللبن ، وليس صاحبه حاضرا ، لأنه كان راعيا لرجل من أهل المدينة ، كما جاء في الرواية الأخرى . وقد ذكرها مسلم في آخر الكتاب . وفي رواية : " لرجل من قريش ". والجواب عنه من أوجه ؛

[ ص: 512 ] أحدها : أن هذا كان رجلا حربيا لا أمان له ، فيجوز الاستيلاء على ماله .

والثاني : يحتمل أنه كان رجلا يدل عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ولا يكره شربه من لبنه .

والثالث : لعله كان في عرفهم مما يتسامحون به لكل أحد ، ويأذنون لرعاتهم ليسقوا من يمر بهم .

والرابع : أنه كان مضطرا .

قاله النووي رحمه الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية