السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
9 باب: النهي عن اختناث الأسقية

وقال النووي : (باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 193 ج 13 المطبعة المصرية

[ (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه، (أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم عن اختناث الأسقية: أن يشرب من أفواهها) .]


(الشرح)

" الاختناث ": افتعال من. "الخنث ". وهو في الأصل : الانطواء والتكسر والانثناء . ومنه سمي الرجل المتشبه بالنساء "في طبعه وكلامه وحركاته " : مخنثا .

" والأسقية " : جمع "سقاء ". والمراد به : المتخذ من الأدم ، صغيرا كان أو كبيرا. وقيل : " القربة " قد تكون صغيرة ، وقد تكون كبيرة . " والسقاء " : لا يكون إلا صغيرا.

[ ص: 519 ] وفي رواية : "واختناثها : أن يقلب رأسها ، ثم يشرب منه " . هو مدرج . وقد جزم الخطابي : أن تفسير الاختناث ، من كلام الزهري .

وسبب النهي : أنه يقذره على غيره . وقيل : إنه ينتنه . وقيل : إنه لا يؤمن أن يكون في السقاء ما يؤذيه ، فيدخل في جوفه ولا يدري .

قال النووي : واتفقوا على أن النهي عن اختناثها : نهي تنزيه لا تحريم . كذا قال . وفي الاتفاق نظر ، فقد نقل ابن التين وغيره ، عن مالك : أنه أجاز الشرب من أفواه القرب ، وقال : لم يبلغني فيه نهي . قال الحافظ : لم أر في شيء من الأحاديث المرفوعة ؛ ما يدل على الجواز ، إلا من فعله صلى الله عليه وآله وسلم . وأحاديث النهي كلها من قوله ، فهي أرجح . وإذا نظرنا إلى علة النهي عن ذلك ، فإن جميع ما ذكره العلماء في ذلك يقتضي أنه مأمون منه ، صلى الله عليه وآله وسلم ؛ أما أولا : فلعصمته وطيب نكهته . وأما دخول شيء في فم الشارب ، فهو يقتضي أنه لو ملأ السقاء ، وهو يشاهد الماء الذي يدخل فيه ، ثم ربطه ربطا محكما ، ثم شرب منه : لم يتناوله النهي . انتهى .

وأما شربه صلى الله عليه وآله وسلم من قربة معلقة ، كما في حديث كبشة ، فالجمع بينه وبين حديث الباب

: بحمل الكراهة على التنزيه .

[ ص: 520 ] ويكون شربه صلى الله عليه وآله وسلم بيانا للجواز . ومن هنا قال النووي : هذا الحديث يدل على أن النهي ليس للتحريم . والله أعلم بالصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية