السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3782 باب: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتنفس في الشراب

وأورده النووي في : ( الباب المتقدم) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 198 ، 199 ج 13 المطبعة المصرية

[55 عن أنس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتنفس في الشراب ثلاثا، [ ص: 542 ] ويقول: "إنه أروى، وأبرأ، وأمرأ". قال أنس: فأنا أتنفس في الشراب ثلاثا ].


(الشرح)

( عن أنس) رضي الله عنه، : ( قال : كان رسول الله صلى الله عليه) وآله ( وسلم يتنفس في الشراب ثلاثا) . حمل بعضهم هذه الرواية على ظاهرها ، وأنه يقع التنفس في الإناء ثلاثا. وقال : فعل ذلك ليبين جواز ذلك . ومنهم من علل جواز ذلك في حقه ، صلى الله عليه وآله وسلم : بأنه لم يكن يتقذر منه شيء . بل الذي يتقذر من غيره ، يستطاب منه . فإنهم كانوا إذا بزق ، أو تنخع : يدلكون بذلك . وإذا توضأ : اقتتلوا على فضلة وضوئه ، إلى غير ذلك مما في هذا المعنى .

قال القرطبي : وحمل هذا الحديث على هذا المعنى ليس بصحيح ؛ بدليل بقيته . فإنه قال : ( ويقول : إنه أروى ، وأبرأ ، وأمرأ) . وهذه الثلاثة الأمور : إنما تحصل بأن يشرب ثلاثة أنفاس ؛ خارج القدح . فأما إذا تنفس في الماء وهو يشرب ؛ فلا يأمن الشرق . وقد لا يروى . وعلى هذا المعنى : حمل الحديث الجمهور نظرا إلى المعنى ، ولبقية الحديث ، وللنهي عن التنفس في الإناء ؛ في حديث " أبي قتادة [ ص: 543 ] وحديث " ابن عباس " . ولقوله في حديث " أبي سعيد " : " أبن القدح " . ولا شك أن هذا من مكارم الأخلاق ، ومن باب النظافة . وما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يأمر بشيء ثم لا يفعله ؛ وإن كان لا يستقذر منه .

ومعنى " أروى ": أكثر ريا .

" وأبرأ " مهموز . أي : أبرأ من ألم العطش . وقيل : أسلم من مرض ، أو أذى يحصل بسبب الشرب في نفس واحد.

" وأمرأ " أي : أكمل انسياغا . وقيل : إذا نزل من المريء الذي في رأس المعدة إليها ، فيمرئ في الجسد منها .

وفي رواية " لأبي داود " بزيادة : " أهنأ " . وكل ما لم يأت بمشقة ولا عناء ؛ فهو هنيء. أو " أهنأ" في هذه الرواية : بمعنى " أروى " .

ومعنى الحديث : كان إذا شرب ؛ تنفس في الشراب من الإناء ثلاثا .

[ ص: 544 ] قال ابن رسلان في "شرح السنن " : في هذا الحديث : إشارة إلى ما يدعى للشارب به عقب الشراب ، فيقال له : " هنيئا مريئا " . وفي الكتاب : ( فكلوه هنيئا مريئا) .

وأما قولهم في الدعاء للشارب : "صحة" ، بكسر الصاد : فلم أجد له أصلا في السنة .

( قال أنس : فأنا أتنفس في الشراب ثلاثا) . أي: خارج الإناء ؛ اتباعا للسنة النبوية المطهرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية