السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3825 [ ص: 592 ] باب: نعم الإدام الخل

وقال النووي : (باب فضيلة الخل والتأدم به) حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 7 ج 14 المطبعة المصرية

[عن المثنى بن سعيد، حدثني طلحة بن نافع، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي، ذات يوم، إلى منزله، فأخرج إليه فلقا من خبز، فقال: "ما من أدم؟" فقالوا: لا. إلا شيء من خل. قال: "فإن الخل نعم الأدم".

قال جابر : فما زلت أحب الخل ؛ منذ سمعتها من نبي الله صلى الله عليه وسلم . وقال طلحة : مازلت أحب الخل ؛ منذ سمعتها من جابر] .


(الشرح)

( عن طلحة بن نافع ؛ أنه سمع جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما ؛ ( يقول : أخذ رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم ، بيدي ، ذات يوم ، إلى منزله . فأخرج إليه فلقا من خبز) هكذا هو في الأصول : " فلقا " وهو صحيح . ومعناه : أخرج الخادم ونحوه " فلقا ". وهي " الكسر " .

وفيه : جواز أخذ الإنسان بيد صاحبه ؛ في تماشيهما .

[ ص: 593 ] (فقال : " ما من أدم ؟ " فقالوا : لا. إلا شيء من خل . قال : " فإن الخل نعم الأدم ". قال جابر : فما زلت أحب الخل ؛ منذ سمعتها من نبي الله صلى الله عليه) وآله ( وسلم . وقال طلحة : ما زلت أحب الخل ؛ منذ سمعتها من جابر) .

فيه : فضيلة "الخل". وأنه يسمى " إدما " . وأنه إدم فاضل جيد .

قال أهل اللغة : " الإدام) بكسر الهمزة : ما يؤتدم به . يقال : أدم الخبز يأدمه ، بكسر الدال . وجمع الإدام : " أدم" ، بضم الهمزة والدال . كإهاب وأهب . وكتاب وكتب . " والإدم " بإسكان الدال ؛ مفرد ، كالإدام .

وفيه : استحباب الحديث على الأكل ؛ تأنيسا للآكلين .

وأما معنى الحديث ؛ فقال الخطابي وعياض : مدح الاقتصار في المأكل ، ومنع النفس عن ملاذ الأطعمة . تقديره : ائتدموا بالخل وما في معناه ، مما تخف مؤنته ، ولا يعز وجوده . ولا تتأنقوا في الشهوات ؛ فإنها مفسدة للدين ، مسقمة للبدن .

[ ص: 594 ] قال النووي : والصواب الذي ينبغي أن يجزم به : أنه مدح للخل نفسه . وأما الاقتصار في المطعم ، وترك الشهوات : فمعلوم من قواعد أخر .

وأما قول جابر : " فما زلت أحب الخل ؛ منذ سمعتها من نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم "؛ فهو كقول أنس : " ما زلت أحب الدباء " . وهذا مما يؤيد ما قلناه في معنى الحديث : أنه مدح للخل نفسه . وقد ذكرنا مرات : أن تأويل الراوي إذا لم يخالف الظاهر : يتعين المصير إليه والعمل به ؛ عند جماهير العلماء ، من الفقهاء والأصوليين . وهذا كذلك . بل تأويل الراوي هنا ؛ هو ظاهر اللفظ ، فيتعين اعتماده . والله أعلم .

قال في النيل : قيل " وهو الصواب " : إنه ليس فيه تفضيل على اللحم واللبن والعسل والمرق . وإنما هو مدح له في تلك الحال التي حضر فيها . ولو حضر لحم أو لبن ؛ لكان أولى بالمدح منه . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية