السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3809 باب: النهي عن القران في التمر

وقال النووي : ( باب نهي الآكل مع جماعة : عن قران تمرتين ونحوهما في لقمة ؛ إلا بإذن أصحابه) .

حديث الباب وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 228 ج 13 المطبعة المصرية

[عن شعبة، قال: سمعت جبلة بن سحيم، قال: كان ابن الزبير يرزقنا التمر. قال: وقد كان أصاب الناس يومئذ جهد. وكنا نأكل فيمر علينا ابن عمر، ونحن نأكل، فيقول: لا تقارنوا. فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم، نهى عن الإقران، إلا أن يستأذن الرجل أخاه. . قال : شعبة : لا أرى هذه الكلمة ، إلا من كلمة ابن عمر . يعني : الاستئذان ] .


(الشرح)

[ ص: 601 ] ( عن جبلة بن سحيم ؛ قال : كان ابن الزبير) رضي الله عنهما ؛ ( يرزقنا التمر . قال : وقد كان أصاب الناس يومئذ جهد) . يعني : قلة ، وحاجة ، ومشقة . ( فكنا نأكل ، فيمر علينا ابن عمر ونحن نأكل ، فيقول : لا تقارنوا . فإن رسول الله صلى الله عليه) وآله ( وسلم ، نهى عن الإقران) ؛ هكذا هو في الأصول . والمعروف في اللغة " القران" . يقال : " قرن بين الشيئين ". قالوا : ولا يقال : " أقرن ".

وفي الرواية الأخرى ؛ " عن جبلة ؛ عن ابن عمر ؛ نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقرن الرجل بين التمرتين ؛ حتى يستأذن" .

" ويقرن " بمعنى : " يجمع ". وهو بضم الراء وكسرها ؛ لغتان .

( إلا أن يستأذن الرجل أخاه) .

قال النووي : هذا النهي متفق عليه ؛ حتى يستأذنهم . فإذا أذنوا ؛ [ ص: 602 ] فلا بأس . واختلفوا في أن هذا النهي : على التحريم ، أو على الكراهة والأدب ؟.

فقال عياض عن أهل الظاهر : إنه للتحريم . وعن غيرهم : إنه للكراهة والأدب .

قال : والصواب التفصيل ؛

فإن كان الطعام مشتركا بينهم : فالقران حرام ؛ إلا برضاهم . ويحصل الرضا : بتصريحهم به . أو بما يقوم مقام التصريح ؛ من قرينة حال ، أو إدلال عليهم كلهم . بحيث يعلم يقينا ، أو ظنا قويا : أنهم يرضون به . ومتى شك في رضاهم ؛ فهو حرام .

وإن كان الطعام لغيرهم ، أو لأحدهم : اشترط رضاه وحده . فإن قرن بغير رضاه ؛ فحرام .

قال : ويستحب : أن يستأذن الآكلين معه . ولا يجب . وإن كان الطعام لنفسه ، وقد ضيفهم به : فلا يحرم عليه القران . ثم إن كان في الطعام قلة : فحسن أن لا يقرن لتساويهم . وإن كان كثيرا ، بحيث يفضل عنهم : فلا بأس بقرانه . لكن الأدب مطلقا : التأدب في الأكل ، وترك الشره ؛ إلا أن يكون مستعجلا ، ويريد الإسراع لشغل آخر ، كما سبق في الباب قبله .

[ ص: 603 ] وقال الخطابي : إنما كان هذا في زمنهم ، وحين كان الطعام ضيقا .

فأما اليوم مع اتساع الحال ؛ فلا حاجة إلى الإذن . وليس كما قال ؛ بل الصواب ما ذكرنا من التفصيل. فإن الاعتبار بعموم اللفظ ، لا بخصوص السبب ؛ لو ثبت السبب . كيف وهو غير ثابت ؟ والله أعلم .

( قال شعبة : لا أرى هذه الكلمة ؛ إلا من كلمة ابن عمر . يعني : الاستئذان) . يعني " بالكلمة " : الكلام . وهذا شائع معروف . وهذا الذي قاله شعبة : لا يؤثر في رفع الاستئذان إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؛ لأنه نفاه بظن ، وحسبان . وقد أثبته سفيان في الرواية الثانية ، فثبت . قاله النووي .

التالي السابق


الخدمات العلمية