السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3611 باب : أكل الأرنب

وقال النووي : (باب إباحة الأرنب) .

[ ص: 606 ] حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 104 ج 13 المطبعة المصرية

[عن أنس بن مالك، قال: مررنا فاستنفجنا أرنبا بمر الظهران. فسعوا عليه فلغبوا. قال: فسعيت حتى أدركتها. فأتيت بها أبا طلحة، فذبحها. فبعث بوركها وفخذيها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأتيت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقبله] .


(الشرح)

( عن أنس بن مالك) رضي الله عنه ؛ ( قال : مررنا فاستنفجنا أرنبا) أي : أثرنا ونفرنا . يقال : " نفج الأرنب " إذا ثار . وأنفجته : أي أثرته من موضعه . ويقال : " الانتفاج " الاقشعرار ، وارتفاع الشعر وانتفاشه .

" والأرنب ": دويبة معروفة تشبه العناق . لكن في رجليها طول بخلاف يديها . " والأرنب ": اسم جنس للذكر والأنثى .

( بمر الظهران) . بفتح الميم والظاء : موضع قريب من مكة . والراء من قوله بمر : مشددة .

( فسعوا عليه فلغبوا) . بفتح الغين المعجمة ؛ في اللغة الفصيحة المشهورة . وفي لغة ضعيفة : بكسرها. حكاها الجوهري وغيره وضعفوها . أي : أعيوا. وقال في النيل : أي : " تعبوا " وزنا ومعنى .

[ ص: 607 ] ( قال : فسعيت حتى أدركتها . فأتى بها أبا طلحة ؛ فذبحها . فبعث بوركها) . " الورك" بفتح الواو وكسر الراء . وبكسر الواو وسكون الراء : وهما وركان فوق الفخذين ، كالكتفين فوق العضدين . كذا في المصباح .

( وفخذيها إلى رسول الله صلى الله عليه) وآله ( وسلم . فأتيت بها رسول الله صلى الله عليه) وآله ( وسلم ، فقبله) .

فيه : دليل على جواز أكل الأرنب . قال في الفتح : وهو قول العلماء كافة ؛ إلا ما جاء في كراهتها عن ابن عمرو : من الصحابة ، وعن عكرمة : من التابعين . وعن محمد بن أبي ليلى : من الفقهاء . واحتجوا بحديث خزيمة بن جزء ؛ " قال : قلت : يا رسول الله ! ما تقول في الأرنب ؟ قال : -لا آكله ، ولا أحرمه - قلت : ولم ؟ يا رسول الله ! قال : نبئت أنها تدمى". قال الحافظ : وسنده ضعيف . ولو صح ، لم يكن فيه دلالة على الكراهة . وله شاهد عن ابن عمرو ؛ بلفظ : " جيء به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فلم يأكلها ، ولم ينه عنها . وزعم أنها تحيض " أخرجه أبو داود . وله شاهد أيضا عند ابن راهويه ، في مسنده . وهذا إذا صح : صلح للاحتجاج به ؛ على كراهة التنزيه .

[ ص: 608 ] لا على التحريم . والمحكي عن ابن عمرو : التحريم . كما في شرح ابن رسلان للسنن . وحكى الرافعي عن أبي حنيفة : أنه حرمها . وغلطه النووي في النقل عن أبي حنيفة ؛ رحمه الله .

قال النووي : أكل الأرنب حلال ؛ عند مالك ، وأبي حنيفة ، والشافعي ، وأحمد، والعلماء كافة . قال : ودليل الجمهور : هذا الحديث ، مع أحاديث مثله . ولم يثبت في النهي عنها شيء . قال في النيل : وكراهة التنزيه ؛ هو القول الراجح .

التالي السابق


الخدمات العلمية