السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3916 [ ص: 71 ] باب: في اشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد

وقال النووي : (باب: النهي عن اشتمال الصماء، والاحتباء في ثوب واحد، كاشفا بعض عورته. وحكم الاستلقاء على ظهره، رافعا إحدى رجليه على الأخرى).

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 76 جـ 14 المطبعة المصرية

[ عن جابر ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يأكل الرجل بشماله، أو يمشي في نعل واحدة ، وأن يشتمل الصماء، وأن يحتبي في ثوب واحد؛ كاشفا عن فرجه ].


(الشرح)

(عن جابر) رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم؛ نهى: أن يأكل الرجل بشماله): سبق بيانه؛ في بابه.

(أو يمشي في نعل واحد) والمشي فيه، وفي خف واحد، ومداس واحد؛ لا لعذر: مكروه. قال أهل العلم: وسببه: أن ذلك تشويه ومثلة، ومخالف للوقار. ولأن المتنعلة تصير [ ص: 72 ] أرفع من الأخرى، فيعسر مشيه. وربما كان سببا للعثار. وهذا الأدب: مجمع عليه.

(وأن يشتمل الصماء)؛ بالمد. قال الأصمعي: هو أن يشتمل بالثوب، حتى يجلل به جسده، لا يرفع منه جانبا، فلا يبقى ما يخرج منه يده. وهذا يقوله أكثر أهل اللغة. قال ابن قتيبة: سميت "صماء"؛ لأنه سد المنافذ كلها. كالصخرة الصماء، التي ليس فيها خرق ولا صدع.

قال أبو عبيد: وأما الفقهاء، فيقولون: هو أن يشتمل بثوب ليس عليه غيره، ثم يرفعه من أحد جانبيه، فيضعه على أحد منكبيه.

قال العلماء: فعلى تفسير أهل اللغة: يكره الاشتمال المذكور؛ لئلا تعرض له حاجة من دفع بعض الهوام ونحوها، أو غير ذلك، فيعسر عليه، أو يتعذر: فيلحقه الضرر. وعلى تفسير الفقهاء: يحرم الاشتمال المذكور، إن انكشف به بعض العورة. وإلا فيكره.

(وأن يحتبي في ثوب واحد؛ كاشفا عن فرجه). فيه: دليل على أن الواجب: ستر السوءتين فقط؛ لأنه قيد النهي بكشف "الفرج". ومقتضاه: أن "الفرج"، إذا كان مستورا؛ فلا نهي.

وفي حديث أبي هريرة - عند أحمد -؛ بلفظ: "ليس على فرجه منه شيء".

"والاحتباء" بالمد: هو أن يقعد الإنسان على أليتيه، وينصب ساقيه، ويحتوي عليهما بثوب أو نحوه، أو بيده. وهذه القعدة يقال [ ص: 73 ] لها: "الحبوة"؛ بضم الحاء وكسرها. وكان هذا الاحتباء، عادة للعرب في مجالسهم. فإن انكشف معه شيء من عورته؛ فهو حرام. والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية