السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
154 [ ص: 80 ] باب: ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم

وقال النووي . في الجزء الأول: (باب: بيان غلظ تحريم إسبال الإزار، والمن بالعطية، وتنفيق السلعة بالحلف، وبيان الثلاثة الذين لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم. إلخ).

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 114 جـ 2 المطبعة المصرية

[ عن أبي ذر ؛ عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم قال: فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ثلاث مرار. قال أبو ذر : خابوا وخسروا. من هم يا رسول الله؟ قال: "المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب " ].


(الشرح)

(عن أبي ذر) رضي الله عنه: (عن النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم؛ قال: "ثلاثة" لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم". قال: فقرأها رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم؛ ثلاث مرات). هو على لفظ [ ص: 81 ] الآية الكريمة. ومعناه: لا يكلمهم تكليم أهل الخيرات، وبإظهار الرضى. بل بكلام أهل السخط والغضب.

وقيل: المراد: الإعراض عنهم. وقيل: لا يكلمهم كلاما ينفعهم ويسرهم.

ومعنى "لا ينظر إليهم": يعرض عنهم. ونظره تعالى لعباده: رحمة، ولطف بهم. فإذا لم ينظر إليهم؛ لم يرحمهم، ولم يلطف بهم.

ومعنى "لا يزكيهم": أي لا يطهرهم من دنس ذنوبهم. وقال الزجاج وغيره: لا يثني عليهم.

"وأليم" بمعنى: "مؤلم". قال الواحدي: وهو العذاب الذي يخلص إلى قلوبهم: وجعه.

"والعذاب": كل ما يعيي الإنسان، ويشق عليه.

(فقال أبو ذر: خابوا وخسروا. من هم يا رسول الله؟ قال: المسبل) إزاره: أي المرخي له، الجار طرفه خيلاء. كما جاء مفسرا في الحديث الآخر: "لا ينظر الله إلى من يجر ثوبه خيلاء". وهذا التقييد؛ يخصص عموم الإسبال، ويدل على أن المراد بالوعيد: من أسبله وجره خيلاء. ورخص النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، في ذلك: لأبي بكر الصديق، رضي الله عنه. وقال: "إنك لست [ ص: 82 ] منهم". إذ كان إسباله وجره: لغير الخيلاء. وهو تصريح بأن مناط التحريم: الخيلاء، وأن الإسبال قد يكون للخيلاء. وقد يكون لغيره. فيكون الوعيد متوجها إلى من فعل ذلك اختيالا. والقول بأن: كل إسبال من المخيلة، أخذا بظاهر الحديث: ترده الضرورة. فإن كل أحد يعلم: أن من الناس من يسبل إزاره، مع عدم خطور "الخيلاء" بباله. قال الطبري وغيره: وذكر إسبال الإزار وحده؛ لأنه كان عامة لباسهم. وحكم غيره من القميص وغيره: حكمه. انتهى.

قلت: وقد جاء ذلك مبينا، منصوصا، في حديث ابن عمر؛ يرفعه: "الإسبال في الإزار، والقميص، والعمامة؛ من جر شيئا من الخيلاء: لم ينظر الله إليه؛ يوم القيامة". رواه أبو داود ، والنسائي، وابن ماجه؛ بإسناد حسن.

(والمنان). وفي رواية: "المنان الذي لا يعطي شيئا؛ إلا منة".

(والمنفق سلعته بالحلف الكاذب). وفي رواية: "الفاجر".

"والحلف" بإسكان اللام، وكسرها. وممن ذكر الإسكان ابن السكيت؛ في "أول إصلاح المنطق".

التالي السابق


الخدمات العلمية