السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3961 باب: النهي من وصل الشعر للمرأة

وقال النووي : ( باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة، والنامصة والمتنمصة، والمتفلجات، والمغيرات خلق الله تعالى).

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي ، ص 102، 103 جـ 14، المطبعة المصرية

[ عن أسماء بنت أبي بكر ، قالت: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إن لي ابنة عريسا، أصابتها حصبة، فتمرق شعرها. أفأصله؟ فقال: لعن الله الواصلة والمستوصلة " ].


[ ص: 133 ] (الشرح)

(عن أسماء بنت أبي بكر)، رضي الله عنهما؛ (قالت: جاءت امرأة إلى النبي، صلى الله عليه) وآله (وسلم، فقالت: يا رسول الله! إن لي ابنة عريسا)، بضم العين وفتح الراء، وتشديد الياء المكسورة. تصغير "عروس". والعروس: يقع على المرأة، والرجل، عند الدخول بها.

(أصابتها حصبة)، بفتح الحاء، وإسكان الصاد. ويقال أيضا: بفتح الصاد، وكسرها. ثلاث لغات، حكاهن جماعة. والإسكان: أشهر. وهي: "بثر" تخرج في الجلد. يقال منه: حصب جلده، بكسر الصاد، يحصب.

(فتمرق شعرها): بالراء المهملة. وهو بمعنى: "تساقط، وتمرط"، كما في باقي الروايات. ولم يذكر عياض في الشرح: إلا الراء، وحكاه في "المشارق" عن جمهور الرواة. ثم حكى عن [ ص: 134 ] جماعة، من رواة صحيح مسلم : أنه بالزاي المعجمة، قال: وهذا، وإن كان قريبا من معنى الأول: لكنه لا يستعمل في الشعر، في حالة المرض.

(أفأصله؟ فقال: "لعن الله الواصلة")، وهي التي تصل شعر المرأة بشعر آخر. "والمستوصلة". وهي التي تطلب من يفعل بها ذلك. ويقال لها موصولة.

والحديث: صريح في تحريم الوصل، ولعن الواصلة والمستوصلة، مطلقا. قال النووي : وهذا هو الظاهر، المختار، وقد فصله أصحابنا، ثم ذكر هذا التفصيل، ولا يأتي بفائدة، ولا يعود بعائدة؛ لأن الحديث عام، مطلق، لم يفصل. ثم نقل عن عياض: أنه قال: اختلف العلماء في المسألة؛ فقال مالك، والطبري، وكثيرون - أو الأكثرون-: الوصل ممنوع بكل شيء؛ سواء وصلته بشعر، أو صوف، أو خرق. واحتجوا "بحديث جابر" الآتي، عند مسلم ؛ بلفظ: "إن النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، زجر: أن تصل المرأة برأسها شيئا".

[ ص: 135 ] وقال الليث: النهي مختص بالوصل بالشعر. ولا بأس بوصله بصوف، أو خرق، وغيرها.

وقال بعضهم: يجوز جميع ذلك. وهو مروي عن عائشة. ولا يصح عنها. بل الصحيح عنها: كقول الجمهور.

قال القاضي: فأما ربط خيوط الحرير الملونة ونحوها، مما لا يشبه الشعر: فليس بمنهي عنه؛ لأنه ليس بوصل، ولا هو في معنى مقصود الوصل. وإنما هو للتجمل، والتحسين.

قال: وفي الحديث: أن وصل الشعر من المعاصي، الكبائر؛ للعن فاعله.

وفيه: أن المعين على الحرام: يشارك فاعله، في الإثم. كما أن المعاون في الطاعة: يشارك في ثوابها.

وفيه: أن الوصل حرام، سواء كان لمعذورة، أو عروس، أو غيرهما. وهو الحق.

التالي السابق


الخدمات العلمية