السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4023 (باب منه)

وهو في النووي في: (الباب المتقدم) .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \النووي، ص143-144 ج14، المطبعة المصرية

[عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "حق المسلم على المسلم ست". قيل: ما هن؟ يا رسول الله! قال: "إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فسمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه" ].


[ ص: 207 ] (الشرح)

(عن أبي هريرة) رضي الله عنه؛ (أن رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم، قال: "حق المسلم على المسلم: ست". قيل: "ما هن؟ يا رسول الله! قال: "إذا لقيته، فسلم عليه") . نقل ابن عبد البر وغيره: إجماع المسلمين، على أن ابتداء السلام: سنة، وأن رده: فرض. وأقل السلام: أن يقول: "السلام عليكم". فإن كان المسلم عليه واحدا؛ فأقله: "السلام عليك". والأفضل أن يقول: "عليكم"، ليتناوله، وملكيه، وأكمل منه: أن يزيد: "ورحمة الله". وأيضا: "وبركاته". واستدل لهذه الزيادة: بقوله تعالى، إخبارا عن الملائكة: "ورحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت". وبقول المسلمين كلهم، في التشهد: "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته". وقد صح عن النبي، صلى الله عليه وآله وسلم؛ أنه قال: "لا تقل: (عليك السلام) . فإن: (عليك السلام؛ تحية الموتى) .

(وإذا دعاك، فأجبه) . يعني: الدعوة إلى وليمة العرس، ونحوها. (وإذا استنصحك، فانصح له) . معناه: طلب منك النصيحة. فعليك أن تنصحه، ولا تداهنه، ولا تغشه، ولا تمسك عن بيان النصيحة.

[ ص: 208 ] (وإذا عطس، فحمد الله: فشمته) . فيه: أن التشميت، إنما يشرع لمن حمد الله تعالى. قال ابن العربي: هو مجمع عليه. قال الحليمي: الحكمة في مشروعية الحمد للعاطس: أن العطاس يدفع الأذى، من الدماغ الذي فيه: "قوة الفكر"، ومنه: منشأ الأعصاب، التي هي معدن الحس، وبسلامته؛ تسلم الأعضاء. فيظهر بهذا: أنها نعمة جليلة، يناسب أن تقابل: بحمد الله؛ لما فيه من الإقرار لله: بالخلق، والقدرة، وإضافة الخلق إليه، لا إلى الطبائع. انتهى.

قال في "الفتح": وهذا بعض ما ادعى ابن العربي: أنه انفرد به. فيحتمل: أنه لم يطلع عليه.

قال: ومن آداب العاطس: أن يخفض بالعطسة: صوته، ويرفعه: بالحمد، وأن يغطي وجهه، ولا يلوي عنقه يمينا ولا شمالا. وقد أخرج أبو داود، والترمذي -بسند جيد- عن أبي هريرة؛ قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إذا عطس: وضع يده على فيه، وخفض صوته"، وله شاهد، من حديث "ابن عمر" بنحوه: عند الطبراني.

(وإذا مرض، فعده) . والعيادة: سنة، يثاب عليها صاحبها.

("وإذا مات، فاتبعه") . تقدم شرحه، في "كتاب الجنائز".

التالي السابق


الخدمات العلمية