السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4044 باب: النهي أن يقام الرجل من مجلسه، ثم يجلس فيه

وقال النووي: (باب: تحريم إقامة الإنسان من موضعه المباح، الذي سبق إليه) .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \النووي، ص160 ج14، المطبعة المصرية

[ (عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يقيم الرجل الرجل من مقعده ثم [ ص: 232 ] يجلس فيه ولكن تفسحوا وتوسعوا" .

وزاد في رواية -أي: حديث ابن جريج- "قلت: في يوم الجمعة؟ قال: في يوم الجمعة وغيرها. وكان ابن عمر إذا قام له رجل عن مجلسه؛ لم يجلس فيه") ].


(الشرح)

قال النووي: هذا النهي للتحريم. فمن سبق إلى موضع مباح في المسجد وغيره: يوم الجمعة، أو غيره، لصلاة أو غيرها: فهو أحق به. ويحرم على غيره: إقامته. لهذا الحديث. إلا أن أصحابنا استثنوا منه ما إذا ألف من المسجد موضعا يفتي فيه، أو يقرأ قرآنا، أو غيره من العلوم الشرعية؛ فهو أحق به. وإذا حضر، لم يكن لغيره: أن يقعد فيه. وفي معناه: من سبق إلى موضع من الشوارع، ومقاعد الأسواق: لمعاملة.

وأما فعل ابن عمر؛ فهذا ورع منه. وليس قعوده فيه حراما، إذا قام برضاه. لكنه تورع عنه لوجهين؛

أحدهما: أنه ربما استحيا منه إنسان، فقام له من مجلسه من غير طيب قلبه، فسد ابن عمر الباب؛ ليسلم من هذا.

[ ص: 233 ] والثاني: أن الإيثار بالقرب مكروه، أو خلاف الأولى. فكان ابن عمر يمتنع من ذلك؛ لئلا يرتكب أحد بسببه: مكروها، أو خلاف الأولى؛ بأن يتأخر عن موضعه من الصف الأول ويؤثره به، وشبه ذلك. قال: قال أصحابنا: وإنما يحمد الإيثار بحظوظ النفوس، وأمور الدنيا، دون القرب. والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية