السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4034 باب: الإذن للنساء، في الخروج لحاجتهن

وهو في النووي في: (الباب المتقدم) .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \النووي، ص150-152 ج14، المطبعة المصرية

[عن عائشة؛ قالت: خرجت سودة، بعد ما ضرب عليها الحجاب، لتقضي حاجتها. وكانت امرأة جسيمة، تفرع النساء جسما. لا تخفى على من يعرفها. فرآها عمر بن الخطاب فقال: يا سودة! والله! ما تخفين علينا. فانظري كيف تخرجين. قالت: فانكفأت راجعة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي. وإنه ليتعشى، وفي يده عرق. فدخلت، فقالت: يا رسول الله! إني خرجت. فقال لي عمر: كذا وكذا. قالت: فأوحي إليه. ثم رفع عنه، وإن العرق في يده، ما وضعه. فقال: "إنه قد أذن لكن: أن تخرجن لحاجتكن" ].


[ ص: 247 ] (الشرح)

(عن عائشة) رضي الله عنها؛ (قالت: خرجت سودة) رضي الله عنها؛ (بعد ما ضرب علينا الحجاب؛ لتقضي حاجتها، وكانت امرأة جسيمة، تفرع النساء) . أي: عظيمة الجسم.

"وتفرع " بفتح التاء، وإسكان الفاء، وفتح الراء، وبالعين المهملة. أي: تطولهن، فتكون أطول منهن. والفارع: المرتفع العالي. (لا تخفى على من يعرفها) . أي: إذا كانت متلفقة في ثيابها ومرطها، في ظلمة الليل ونحوها: على من قد سبقت له معرفة طولها، لانفرادها بذلك. (فرآها عمر بن الخطاب، فقال: يا سودة! والله! ما تخفين علينا، فانظري كيف تخرجين. قالت: فانكفأت راجعة، ورسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم: في بيتي. وإنه ليتعشى. وفي يده عرق) بفتح العين، وإسكان الراء. وهو: العظم الذي عليه بقية لحم. هذا هو المشهور. وقيل: هو القذرة من اللحم. وهو شاذ ضعيف.

(فدخلت، فقالت: يا رسول الله! إني خرجت، فقال لي عمر: كذا وكذا. قالت: فأوحى الله إليه. ثم رفع عنه، وإن العرق في يده ما وضعه. فقال: "إنه قد أذن لكن: أن تخرجن لحاجتكن") .

[ ص: 248 ] فيه: الإذن لنساء النبي، صلى الله عليه وآله وسلم؛ في الخروج لحاجتهن، ولنساء الأمة بالأولى. لأن الحجاب قد فرض عليهن؛ دون على من سواهن من نسوان الأمة. فالخروج لهن، لقضاء حاجة الإنسان وغيرها: مباح، بلا خلاف.

وفي حديث آخر عند مسلم؛ عن عائشة: "وكان عمر بن الخطاب يقول لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: احجب نساءك. فلم يكن رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم: يفعل. فخرجت سودة" رضي الله عنها. "ليلة من الليالي، عشاء. وكانت امرأة طويلة. فناداها عمر رضي الله عنه"، "ألا قد عرفناك. يا سودة! - حرصا على أن ينزل الحجاب - قالت عائشة: فأنزل الحجاب. قال في الفتح: يجمع بينه؛ أي: بين هذا الحديث - وبين حديث أنس، (في نزول الحجاب بسبب قصة زينب) -: أن عمر حرص على ذلك، حتى قال لسودة ما قال. فاتفقت القصة للذين قعدوا في "البيت، في [ ص: 249 ] زواج زينب، فنزلت الآية. فكان كل من الأمرين، سببا لنزولها. وقد سبق إلى الجمع بذلك: القرطبي.

وأما وجه الجمع: بين قول "عائشة" في آخر هذا الحديث: "فأنزل الحجاب"، وبين قولها في حديث الباب: "خرجت "سودة" بعد ما ضرب علينا الحجاب"؛ فقال القرطبي: يحمل على أن عمر تكرر منه هذا القول، قبل الحجاب وبعده. ويحتمل أن بعض الرواة: ضم قصة إلى أخرى. قال: والأول أولى. وأن عمر أراد: أن لا يطلع أحد على حرم النبي، صلى الله عليه وآله وسلم: فسأله أن يحجبهن، فلما نزل الحجاب؛ كان قصده: أن لا يخرجن أصلا، فكان في ذلك مشقة، فأذن لهن: أن يخرجن لحاجتهن التي لا بد منها. وحكى ابن التين عن الداودي: أن قصة "سودة" هذه؛ لا تدخل في باب الحجاب، وإنما هي في "لباس الجلابيب". وهو الستر عن نظر الغير إليهن. وهو من جملة الحجاب. انتهى.

التالي السابق


الخدمات العلمية