السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4103 باب: التداوي بالعود الهندية، وهو الكست

وذكره النووي في: (باب: لكل داء دواء... إلخ) .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \النووي، ص200-201 ج14، المطبعة المصرية

[عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود؛ أن أم قيس بنت محصن -وكانت من المهاجرات الأول، اللاتي بايعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي أخت عكاشة بن محصن، أحد بني أسد بن خزيمة- قال: أخبرتني أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بابن لها، لم يبلغ أن يأكل الطعام. وقد أعلقت عليه: من العذرة (قال يونس: أعلقت: غمزت. فهي تخاف أن يكون به عذرة) . قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "علامه [ ص: 346 ] تدغرن أولادكن: بهذا الإعلاق؟ عليكم بهذا العود الهندي، -يعني به: الكست- فإن فيه سبعة أشفية؛ منها: ذات الجنب".

قال عبيد الله: وأخبرتني أن ابنها ذاك؛ بال في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء، فنضحه على بوله، ولم يغسله غسلا
].


(الشرح)

(عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة) ، أن أم قيس بنت محصن -وكانت من المهاجرات الأول، اللاتي بايعن رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم، وهي أخت عكاشة بن محصن، أحد بني أسد بن خزيمة- قال: أخبرتني: أنها أتت رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: بابن لها، لم يبلغ أن يأكل الطعام. وقد أعلقت عليه: من العذرة) . أي: رفعت حنكه بإصبعها، ففجرت الدم. والهمزة في (أعلقت) : للإزالة. أي: أزالت الآفة عنه.

قال النووي: هكذا هو، في جميع نسخ صحيح مسلم: "عليه". وفي صحيح البخاري؛ من رواية معمر وغيره: "فأعلقت عليه" كما هنا. ومن رواية ابن عيينة: "فأعلقت عنه" بالنون. وهذا هو المعروف عند أهل اللغة. قال الخطابي: المحدثون يروونه: [ ص: 347 ] "عليه". والصواب: "عنه". وكذا قاله غيره. وحكاهما بعضهم: لغتين.

ومعناه: عالجت وجع لهاته، بإصبعي. "والعذرة" بضم العين، وبالذال المعجمة: هي وجع في الحلق، يهيج من الدم. يقال في علاجها: عذرته، فهو معذور. وقيل: هي قرحة، تخرج في الخرم الذي بين الحلق والأنف، تعرض للصبيان غالبا، عند طلوع العذرة: (وهي خمس كواكب، تحت الشعرى العبور) . وتسمى: "العذارى". وتطلع في وسط الحر.

وعادة النساء في معالجة العذرة: أن تأخذ المرأة خرقة، فتفتلها فتلا شديدا، وتدخلها في أنف الصبي، وتطعن ذلك الموضع، فينفجر منه دم أسود. وربما أقرحته. وذلك الطعن يسمى: "دغرا، وعذرا".

(قال يونس: أعلقت: "غمزت". فهي تخاف أن تكون به عذرة. قالت: فقال رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: علامه) ؛ هكذا هو في جميع النسخ.. وهي هاء السكت. ثبت هنا في الدرج.

[ ص: 348 ] (تدغرن أولادكن) ؛ أي: تغمزن بإصبعكن حلق أولادكن، فترفعن ذلك الموضع وتكبسنه. (بهذا الإعلاق) ، بفتح الهمزة. قال ابن الأثير: والصواب: الكسر. مصدر: "أعلقت ". وفي رواية: "العلاق" بفتح العين. والأول أشهر عند أهل اللغة. وهو: معالجة عذرة الصبي؛ وهي: وجع حلقه.

قال ابن الأثير: يجوز أن يكون "العلاق": هو الاسم منه.

(عليكم بهذا العود الهندي. "يعني به: الكست") . ويقال: "القسط"؛ لغتان مشهورتان. وهما بضم الأول. (فإن فيه سبعة أشفية، من سبعة أدواء) .

قال النووي: أطبق الأطباء في كتبهم، على أنه: يدر الطمث، والبول. وينفع من السموم. ويحرك شهوة الجماع. ويقتل الدود وحب القرع في الأمعاء: إذا شرب بعسل. ويذهب الكلف إذا طلي عليه. وينفع من برد المعدة والكبد، ويردهما) . ومن حمى الورد والربع، وغير ذلك.

[ ص: 349 ] وهو صنفان؛ بحري، وهندي. والبحري: هو القسط الأبيض. وهو أكثر من صنفين. ونص بعضهم: أن البحري أفضل من الهندي. وهو أقل حرارة منه. وقيل: هما حاران يابسان، في الدرجة الثالثة. والهندي أشد حرارة، في الجزء الثالث من الحرارة. وقال ابن سينا: "القسط" حار، في الثالثة، يابس في الثانية. فقد اتفق العلماء: على هذه المنافع. فصار ممدوحا: شرعا، وطبا.

وإنما عددنا منافع "القسط" من كتب الأطباء؛ لأن النبي، صلى الله عليه وآله وسلم: ذكر منها عددا مجملا، (منها: "ذات الجنب") أي: صاحبة الجنب. ومعناه باليونانية: ورم الجنب. وهو من الأمراض الخطرة، لأنه يحدث بين القلب والكبد. وهو من سيئ الأسقام. وينقسم إلى حقيقي وغير حقيقي؛

فالأول: ورم حار، يعرض في الغشاء المستبطن للأضلاع، ويعرض منه خمسة أشياء: الحمى، والسعال، والوجع الناخس، وضيق النفس، والنبض المنشاري.

والثاني: "ألم" يعرض في نواحي الجنب، عن رياح غليظة مؤذية، تحتقن بين الصفاقات: فتحدث وجعا، قريبا من "ذات الجنب" الحقيقي.

والعلاج المذكور، في هذا الحديث الشريف: إنما هو لهذا القسم [ ص: 350 ] الثاني؛ لأن العود الهندي، هو الذي يداوى به: الريح الغليظ.

(قال عبيد الله: وأخبرتني أن ابنها ذاك، بال في حجر رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم؛ فدعا رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: بماء، فنضحه على ثوبه، ولم يغسله غسلا) .

فيه: أن النضح يكفي لبول الغلام، الذي لم يأكل، ومحل المسألة: كتاب الطهارة. وقد تقدم.

التالي السابق


الخدمات العلمية