السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4135 باب: ما تخطفه الجن

وقال النووي: ( باب تحريم الكهانة، وإتيان الكهان).

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 225، جـ 14، المطبعة المصرية

[عن يحيى بن عروة، أنه سمع عروة يقول: قالت عائشة: سأل أناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكهان؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليسوا بشيء". قالوا: يا رسول الله! فإنهم يحدثون أحيانا الشيء، يكون حقا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تلك الكلمة من الحق: يخطفها الجني، فيقرها في أذن وليه قر الدجاجة، فيخلطون فيها: أكثر من مائة كذبة" ].


(الشرح)

(عن عائشة) رضي الله عنها (قالت: سأل أناس رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم، عن الكهان؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم: "ليسوا بشيء"). معناه: بطلان قولهم. وأنه لا حقيقة له. وفيه: جواز إطلاق هذا اللفظ على ما [ ص: 400 ] كان باطلا.

(قالوا: يا رسول الله! فإنهم يحدثون أحيانا الشيء، يكون حقا. قال رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: تلك الكلمة من الحق) بالحاء والقاف. قال النووي: وهو في جميع النسخ ببلادنا: "من الجن" بالجيم والنون. أي: الكلمة المسموعة، من الجن. أو التي تصح: مما نقلته الجن. وذكر عياض في (المشارق): أنه روي هكذا. وروي أيضا: "الحق".

(يخطفها الجني) بفتح الطاء، على المشهور. وبه جاء القرآن. وفي لغة قليلة: "كسرها". ومعناه: استرقه، وأخذه بسرعة. (فيقرها في أذن وليه، قر الدجاجة). وفي رواية أخرى: "فيقذفها في أذن وليه".

"يقر" بفتح الياء، وضم القاف، وتشديد الراء. وقد يفتح القاف.

"والدجاجة" بالدال: المعروفة.

قال أهل اللغة والغريب: "القر": ترديدك الكلام في أذن المخاطب، حتى يفهمه. يقول: قررته فيه، أقره، قرا.

"وقر الدجاجة": صوتها، إذا قطعته. يقال: قرت، تقر، قرا، وقريرا. فإن رددته، قلت: "قرقرت قرقرة".

(فيخلطون فيها: أكثر من مائة كذبة). وفي أخرى: "ويزيد [ ص: 401 ] فيها: مائة كذبة" بفتح الكاف، وكسرها. والذال ساكنة فيهما. قال عياض: وأنكر بعضهم الكسر. إلا إذا أراد الحالة والهيئة. وليس هذا موضعها.

ومعنى "يقذفها": يلقيها.

قال الخطابي وغيره: معناه: أن الجني يقذف الكلمة إلى وليه الكاهن، فتسمعها الشياطين. كما تؤذن الدجاجة بصوتها صواحبها، فتتجاوب. قال: وفيه وجه آخر. وهي أن تكون الرواية: "كقر الزجاجة". تدل عليه رواية البخاري: "فيقرها في أذنه، كما تقر القارورة". قال: فذكر "القارورة" في هذه الرواية: يدل على ثبوت الرواية بالزجاجة. قال عياض: أما مسلم، فلم تختلف الرواية فيه، أنه "الدجاجة" بالدال. لكن رواية "القارورة": تصحح "الزجاجة".

قال: معناه: يكون لما يلقيه إلى وليه حس، كحس القارورة، عند تحريكها مع اليد، أو على صفا.

التالي السابق


الخدمات العلمية