السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4136 باب: في رمي الشياطين بالنجوم، عند استراق السمع

وهو في النووي في: (الباب المتقدم).

[ ص: 402 ] (حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص225، 229 ج1، المطبعة المصرية

[(عن علي بن حسين; أن عبد الله بن عباس) رضي الله عنهما، (قال: أخبرني رجل); وفي رواية: رجال (من أصحاب النبي، صلى الله عليه) وآله (وسلم، من الأنصار: أنهم بينما هم جلوس ليلة، مع رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: رمي بنجم فاستنار. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم: "ماذا كنتم تقولون في الجاهلية إذا رمي بمثل هذا؟" قالوا: الله ورسوله أعلم. كنا نقول: ولد الليلة رجل عظيم، ومات رجل عظيم. فقال رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم: "فإنها لا يرمى بها لموت أحد، ولا لحياته. ولكن ربنا تبارك وتعالى اسمه، إذا قضى أمرا: سبح حملة العرش. ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم، حتى يبلغ التسبيح: أهل هذه السماء الدنيا. ثم قال الذين يلون حملة العرش لحملة العرش: ماذا قال ربكم؟ فيخبرونهم ماذا قال. قال: فيستخبر بعض أهل السموات بعضا. حتى يبلغ الخبر إلى هذه السماء الدنيا، فتخطف الجن السمع، فيقذفون إلى أوليائهم ويرمون به. فما جاءوا به على وجهه، فهو حق. ولكنهم يقرفون فيه، ويزيدون"].


[ ص: 403 ] (الشرح)

وفي رواية أخرى، لفظ: "ولكن" مكان "ولكنهم". وفي حديث يونس: "ولكنهم يرقون فيه، بضم الياء، وفتح الراء، وتشديد القاف. وروي بفتح الياء، وإسكان الراء، وفتح القاف، وصوبه عياض. وكذا ذكره الخطابي.

قال : ومعناه: يزيدون. يقال: "رقي فلان إلى الباطل" بكسر القاف: أي رفعه. وأصله من الصعود. أي: يدعون فيها فوق ما سمعوا.

قال القاضي: وقد تصح الرواية الأولى، على تضعيف هذا الفعل وتكثيره. والله أعلم. قلت: وزاد يونس في هذه الرواية، ما لفظه: "وقال الله تعالى: حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق ". والحديث دليل على: أن العرش فوق السموات السبع، وأن له حملة يسبحون، وأن الله يقضي بما يشاء. وأول من يسمعه: حملة العرش، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم. وأن الشياطين [ ص: 404 ] يسترقون السمع. وأنهم يرمون بالنجوم، عند هذا الاستراق.

وفيه: إثبات رقيهم، وزيادتهم في المسموعات.

والحديث دليل: على علوه سبحانه وتعالى، وكمال عظمته، وخوف الملائكة منه تعالى. وعلى وجود الجن، وأنهم سارقون للأخبار السماوية، ومبلغون لها إلى أوليائهم من الكهنة، مع الزيادة على أصل الخبر. وهم كاذبون في ذلك. ويؤيده حديث عائشة عند مسلم; بلفظ: (قلت: يا رسول الله! إن الكهان كانوا يتحدثون بالشيء، فنجده حقا. قال: "تلك الكلمة الحق يخطفها الجني، فيقذفها في أذن وليه، ويزيد فيها مائة كذبة". معناه: يخلطون فيها الكذب.

وهذا الحديث، لم يتكلم عليه النووي في شرحه. قال السهيلي: إنه بقي من استراق السمع بقايا يسيرة، بدليل وجودهم على الندور في بعض الأزمنة، وفي بعض البلاد. انتهى.

قال القسطلاني: وفيه: بيان توصل الجن إلى الاختطاف. وقد انقطعت الكهانة بالبعثة المحمدية. لكن بقي من يتشبه بهم. وثبت النهي عن إتيانهم، فلا يحل إتيانهم، ولا تصديقهم. والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية