السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4060 [ ص: 19 ] باب: في السم، وأكل الشاة المسمومة

وقال النووي: ( باب السم).

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص 178 جـ 14، المطبعة المصرية

[عن أنس أن امرأة يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة، فأكل منها، فجيء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك، فقالت: أردت لأقتلك، قال: ما كان الله ليسلطك على ذاك، قال: أو قال: علي، قال: قالوا: ألا نقتلها؟ قال: لا قال: فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله صلى الله عليه وسلم ].


(الشرح)

(عن أنس رضي الله عنه: (أن امرأة يهودية، أتت رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: بشاة مسمومة). وفي رواية أخرى: "جعلت سما في لحم".

"والسم": بفتح السين، وضمها، وكسرها. ثلاث لغات.

والفتح أفصح. وجمعه: "سمام، وسموم".

(فأكل منها. فجيء بها إلى رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم؛ فسألها عن ذلك؟ فقالت: أردت لأقتلك. قال: "ما كان الله ليسلطك على ذاك" - قال: أو قال: "علي" -).

[ ص: 20 ] فيه: بيان عصمته، صلى الله عليه وآله وسلم، من الناس كلهم.

كما قال سبحانه: والله يعصمك من الناس ).

قال النووي: وهي معجزة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ في سلامته من السم المهلك لغيره. وفي إعلام الله تعالى له: بأنها مسمومة، وكلام عضو منه له. فقد جاء في غير مسلم: أنه صلى الله عليه وآله وسلم؛ قال: "إن الذراع تخبرني: أنها مسمومة".

وهذه المرأة اليهودية الفاعلة للسم، اسمها: "زينب بنت الحارث". أخت "مرحب" اليهودي. روينا تسميتها هذه: في مغازي موسى بن عقبة، ودلائل النبوة للبيهقي.

(قال: قالوا: ألا نقتلها؟) هي بالنون، في أكثر النسخ. وفي بعضها: بتاء الخطاب.

(قال: "لا").

قال عياض: اختلف الآثار والعلماء؛ هل قتلها النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، أم لا؟ فوقع في صحيح مسلم: "لا". ومثله عن أبي هريرة، وجابر.

وعن جابر من رواية أبي سلمة: "أنه صلى الله عليه وآله وسلم: قتلها".

[ ص: 21 ] وفي رواية ابن عباس: "أنه صلى الله عليه وآله وسلم: دفعها إلى أولياء "بشر بن البراء بن معرور - وكان أكل منها، فمات بها -: فقتلوها".

وقال ابن سحنون: أجمع أهل الحديث: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قتلها.

قال عياض: وجه الجمع بين هذه الروايات والأقاويل؛ أنه لم يقتلها أولا، حين اطلع على سمها. وقيل له: اقتلها. فقال: "لا". فلما مات بشر بن البراء من ذلك، سلمها لأوليائه: فقتلوها، قصاصا. فيصح قولهم: "لم يقتلها". أي: في الحال. ويصح قولهم: "قتلها". أي: بعد ذلك. والله أعلم.

(قال) أنس رضي الله عنه: (فما زلت أعرفها، في لهوات رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم). بفتح اللام والهاء. جمع "لهاة": بفتح اللام. وهي اللحمة الحمراء، المعلقة في أصل الحنك. قاله الأصمعي. وقيل: اللحمات، اللواتي في سقف أقصى الفم.

ومعناه: أعرف العلامة. كأنه بقي للسم: علامة، وأثر، من سواد وغيره.

التالي السابق


الخدمات العلمية