السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4241 باب: إذا رحم الله أمة قبض نبيها قبلها

ولفظ النووي: (باب: إذا أراد الله تعالى رحمة أمة. إلخ).

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص 52 جـ 15، المطبعة المصرية

[عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله عز وجل إذا أراد رحمة أمة من عباده قبض نبيها قبلها فجعله لها فرطا وسلفا بين يديها، وإذا أراد هلكة أمة عذبها ونبيها حي فأهلكها وهو ينظر فأقر عينه بهلكتها حين كذبوه وعصوا أمره ].


(الشرح)

(عن أبي موسى، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم؛ قال: إن الله عز وجل؛ إذا أراد رحمة أمة من عباده: قبض نبيها قبلها، فجعله لها: فرطا وسلفا، بين يديها).

[ ص: 146 ] "الفرط" بفتحتين: هو الذي يتقدم الوارد، ليصلح له الأمور.

"والسلف": هو السابق. يقال: سلف، وسبق: بمعنى.

وفيه: دليل على أن أمته، صلى الله عليه وآله وسلم: أمة مرحومة، أراد الله تعالى بها: رحمته، فقبض نبيها صلى الله عليه وآله وسلم، قبلها.

(وإذا أراد هلكة أمة: عذبها ونبيها حي، فأهلكها وهو ينظر، فأقر عينه بهلكتها، حين كذبوه وعصوا أمره. كما فعل سبحانه وتعالى: بأمم الأنبياء السالفة كنوح، وعاد، وثمود، وغيرهم: فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين .

وهذا القرآن الكريم: قد اشتمل على قصصهم، وذكر أيامهم، وما جرى عليهم: بسبب عصيان أوامر رسلهم، وتكذيبهم. فاعتبروا منه، يا أولي الأبصار!

وهذه الأمة: قد رحمها الله تعالى، رحمة عامة تامة، فحماها من الهلكة والعذاب والعقاب: في هذه الدار، ببركة رسوله المختار، صلى الله عليه وآله وسلم - من جميع الأمة المرحومة -: صلاة وسلامة، لا يحصيها الأسفار.

قال المازري: هذا الحديث، من الأحاديث المنقطعة، في [ ص: 147 ] مسلم، فإنه لم يسم الذي حدثه عن أبي أسامة.

قال النووي: قلت: وليس هذا حقيقة انقطاع، وإنما هو رواية مجهول. وقد وقع في حاشية بعض النسخ المعتمدة: "قال الجلودي: ثنا محمد بن المسيب الأرعياني، قال: ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري: بهذا الحديث عن أبي أسامة بإسناده.

وقد ورد في حديث آخر؛ رواه أبو داود، عن أبي موسى، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم: "أمتي هذه، أمة مرحومة، ليس عليها عذاب في الآخرة. عذابها في الدنيا: الفتن، والزلازل، والقتل").

قال بعض العلماء: لم يرد: أنه لا يعذب أحد من أمته في الآخرة، بل أراد: اختصاص أمته بمزيد رحمة من الله تعالى، وأنهم [ ص: 148 ] إن أصيبوا في الدنيا بشيء: يثابوا عليه، ويكفر به ذنوبهم، وليست هذه الحالة لسائر الأمم.

وبالجملة: إشارة إلى سعة رحمته، لا سيما بالنسبة إلى هذه الأمة.

التالي السابق


الخدمات العلمية