السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4414 باب فضائل عثمان بن عفان ، رضي الله عنه

ولفظ النووي : (باب : من فضائل عثمان الخ) .

و "عفان" هو ابن أبي العاص ، بن أمية ، بن عبد شمس ، بن عبد مناف.

وأمه : "أروى" بنت كرز بن ربيعة ، بن حبيب ، بن عبد شمس المذكور . أسلمت بعد ابنها .

وله كنيتان مشهورتان ؛ أشهرهما : "أبو عمرو" بفتح العين .

والثاني : "أبو عبد الله" .

ولقبه : "ذو النورين" . وقيل له ذلك : لأنه لم يعلم أحد تزوج ابنتي نبي غيره .

وقيل : لأنه كان يختم القرآن في الوتر ؛ فالقرآن نور ، وقيام الليل نور .

[ ص: 313 ] وقيل : لأنه إذا دخل الجنة : برقت له برقتين . فلذا قيل له : "ذو النورين" . والأول أظهر .

وهو قرشي ، يجتمع مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم : في "عبد مناف" .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم النووي ، ص 168، 169 ج 15، المطبعة المصرية

(عن محمد بن أبي حرملة، عن عطاء وسليمان ابني يسار، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، أن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا في بيتي: كاشفا عن فخذيه أو -ساقيه فاستأذن-: أبو بكر، فأذن له وهو على تلك الحال، فتحدث. ثم استأذن عمر، فأذن له، وهو كذلك، فتحدث.

ثم استأذن عثمان، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسوى ثيابه،- قال محمد: ولا أقول ذلك: في يوم واحد -فدخل، فتحدث. فلما خرج، قالت عائشة : دخل أبو بكر، فلم تهتش له، ولم تباله. ثم دخل عمر، فلم تهتش له، ولم تباله. ثم دخل عثمان، فجلست، وسويت ثيابك! فقال:
"ألا أستحي من رجل، تستحي منه الملائكة
") .


[ ص: 314 ] (الشرح)

(عن عائشة ) رضي الله عنها ؛ (قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : مضطجعا في بيته: كاشفا عن فخذيه ، - أو ساقيه - فاستأذن أبو بكر ، رضي الله عنه؛ فأذن له ، وهو على تلك الحال ؛ فتحدث . ثم استأذن عمر ، رضي الله عنه ؛ فأذن له ، وهو كذلك ؛ فتحدث . ثم استأذن عثمان ، رضي الله عنه ، فجلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وسوى ثيابه) استحياء منه ؛ لأن عثمان : كان مشهورا بكثرة الحياء ، فاستعمل صلى الله عليه وآله وسلم معه : ما يقتضي الحياء .

وفي حديث "أنس" مرفوعا ، مما أخرجه "في المصابيح" من الحسان : "أصدق أمتي حياء : عثمان" .

وفي حديث ابن عمر ، عند الملا ، في سيرته ؛ يرفعه : "أحيى أمتي وأكرمها : عثمان" .

[ ص: 315 ] (قال محمد: ولا أقول ذلك : في يوم واحد. فدخل ، فتحدث . فلما خرج ، قالت عائشة : دخل أبو بكر ، فلم تهتش له، ولم تباله . ثم دخل عمر ، فلم تهتش له) هكذا هو، في جميع نسخ بلاد النووي : بالتاء ، بعد الهاء : في الموضعين .

وفي بعض النسخ الطارئة : بحذفها . وكذا ذكره عياض . وعلى هذا : فالهاء مفتوحة . يقال : "هش يهش" كشم يشم .

وأما "الهش" الذي هو خبط الورق من الشجر ، فيقال منه : "هش يهش" بضمها . قال تعالى : وأهش بها .

قال أهل اللغة : الهشاشة ، والبشاشة ؛ بمعنى : طلاقة الوجه ، وحسن اللقاء .

(ولم تباله) أي : لم تكترث به ، وتحتفل لدخوله .

(ثم دخل عثمان ، فجلست ، وسويت ثيابك ! فقال : "ألا أستحي من رجل ، تستحي منه الملائكة ؟!") . أي : ملائكة الرحمن ، عز وجل . هكذا هو في الرواية : "أستحي" بياء واحدة ، في كل واحدة منهما.

قال أهل اللغة : "يقال : أستحيي يستحيي" بياءين. "وأستحي يستحي" بواحدة. لغتان، الأولى : أفصح ، وأشهر ، وبها جاء [ ص: 316 ] القرآن. قاله النووي .

وفي الحديث : فضيلة ظاهرة ، لعثمان "رضي الله تعالى عنه" ، وجلالته عند الملائكة ، وأن الحياء : صفة جميلة ، من صفات الملائكة .

وفيه : جواز تدلل العالم والفاضل ، بحضرة من يدل عليه ؛ من فضلاء أصحابه . واستحباب ترك ذلك : إذا حضر غريب ، أو صاحب يستحيى منه .

وهذا الحديث : مما يحتج به المالكية ، وغيرهم ؛ ممن يقول : "ليست الفخذ عورة" . قال النووي : ولا حجة فيه ، لأنه مشكوك في المكشوف ، هل هو الساقان ، أم الفخذان؟ فلا يلزم منه : الجزم بجواز كشف الفخذ. انتهى . قلت : هذا الذي قاله النووي ، هو الصواب المختار . فقد ورد ما يدل على أن الفخذ عورة .

التالي السابق


الخدمات العلمية