السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4437 [ ص: 337 ] (باب منه)

وهو في النووي ، في (الباب المذكور) .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم النووي ، ص 189 ج 15، المطبعة المصرية

(عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، قال: كنت أنا وعمر بن أبي سلمة يوم الخندق مع النسوة: في أطم حسان فكان يطأطئ لي مرة فأنظر وأطأطئ له مرة فينظر. فكنت أعرف أبي، إذا مر على فرسه، في السلاح: إلى بني قريظة. .

قال: وأخبرني عبد الله بن عروة، عن عبد الله بن الزبير قال: فذكرت ذلك لأبي، فقال: ورأيتني؟ يا بني! قلت: نعم. قال: أما والله، لقد جمع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم -يومئذ- أبويه، فقال:
فداك أبي وأمي ) .



(الشرح)

(عن عبد الله بن الزبير) رضي الله عنهما ؛ (قال : كنت ، أنا وعمر) بضم العين : (ابن أبي سلمة) القرشي ، المخزومي ، المدني ، ربيب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

وأمه : "أم سلمة" .

[ ص: 338 ] (يوم الخندق) لما حاصر قريش ، ومن معهم : المسلمين بالمدينة ، وحفر الخندق لذلك .

(مع النسوة : في أطم حسان) . أي : نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

"والأطم" بضم الهمزة ، والطاء : "الحصن" وجمعه : "آطام" . "كعنق ، وأعناق" .

قال عياض : ويقال - في الجمع أيضا - : "إطام" ، بكسر الهمزة ، والقصر . كأكام وإكام .

(فكان يطأطئ لي مرة) بهمز آخره . أي : يخفض لي ظهره ، (فأنظر . وأطأطئ له مرة ؛ فينظر . فكنت أعرف أبي ، إذا مر على فرسه في السلاح : إلى بني قريظة) اليهود .

قال النووي : في هذا الحديث دليل لحصول ضبط الصبي ، وتمييزه ، وهو ابن أربع سنين" . فإن ابن الزبير ولد عام الهجرة في المدينة . وكان الخندق سنة أربع من الهجرة ، على الصحيح . فيكون له - في وقت ضبطه ، لهذه القضية - : دون "أربع سنين" .

وفي هذا : رد على ما قاله جمهور المحدثين : أنه لا يصح سماع الصبي ، حتى يبلغ خمس سنين . والصواب : صحته متى حصل التمييز ، وإن كان ابن أربع أو دونها .

وفيه : منقبة لابن الزبير ، لجودة ضبطه لهذه القضية : مفصلة ، في هذا السن ، والله أعلم . انتهى .

[ ص: 339 ] قلت : ونظير هذا الأمر : تحمل الجلال السيوطي ، عن الحافظ ابن حجر ، وكان عند وفاة الحافظ : ابن ثلاث سنين . روى عنه حديثا ، ذكره في آخر كتابه "التقريب" : بسنده إليه .

(قال : وأخبرني عبد الله بن عروة ، عن عبد الله بن الزبير) ؛ هذا مدرج في هذا الحديث ، كما نبه عليه في الفتح .

(قال : فذكرت ذلك لأبي ، فقال : ورأيتني يا بني ؟! قلت : نعم ، قال : أما والله لقد جمع لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - يومئذ - أبويه) يعني : في الفداء (فقال : فداك أبي وأمي) تعظيما وإعلاء : لقدري . لأن الإنسان لا يفدي إلا من يعظمه . فيبذل نفسه له .

قال القسطلاني : وفي الحديث : صحة سماع الصغير ، وأنه لا يتوقف على أربع أو خمس ؛ لأن ابن الزبير ، كان - يومئذ - ابن سنتين ، وأشهر . أو ثلاث، وأشهر. بحسب الاختلاف في وقت مولده ، وفي تاريخ الخندق . انتهى .

قلت : في هذا الحديث : فضيلة ظاهرة للزبير ، ومنقبة باهرة له رضي الله عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية