السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4432 (باب منه)

وهو في النووي ، في (الباب المتقدم) .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم النووي ، ص 185، 186 ج 15 ، المطبعة المصرية

(عن سماك بن حرب، قال: حدثني مصعب بن سعد عن أبيه، أنه نزلت فيه: آيات من القرآن، قال: حلفت أم سعد: أن لا تكلمه أبدا، حتى يكفر بدينه، ولا تأكل ولا تشرب. قالت: زعمت: أن الله وصاك بوالديك -وأنا أمك- وأنا آمرك بهذا.

قال: مكثت ثلاثا، حتى غشي عليها من الجهد، فقام ابن لها، يقال له: "عمارة" فسقاها. فجعلت تدعو على سعد، فأنزل الله عز وجل في القرآن هذه الآية
ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك على أن تشرك بي وفيها وصاحبهما في الدنيا معروفا .

قال: وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: غنيمة عظيمة، فإذا فيها سيف، فأخذته، فأتيت به الرسول صلى الله عليه وسلم فقلت: نفلني هذا السيف، فأنا من قد علمت حاله. فقال: "رده من حيث أخذته" . فانطلقت، حتى إذا أردت: أن ألقيه في القبض: لامتني نفسي، فرجعت إليه، فقلت: أعطنيه. قال: فشد لي صوته: "رده من [ ص: 349 ] حيث أخذته" . قال: فأنزل الله عز وجل يسألونك عن الأنفال .

قال: ومرضت، فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأتاني، فقلت: دعني أقسم مالي، حيث شئت. قال: فأبى. قلت: فالنصف. قال: فأبى. قلت فالثلث. قال: فسكت، فكان -بعد- الثلث جائزا.

قال: وأتيت على نفر من الأنصار والمهاجرين، فقالوا: تعال نطعمك، ونسقك خمرا. وذلك قبل أن تحرم الخمر. قال: فأتيتهم في حش (والحش البستان) ، فإذا رأس جزور مشوي عندهم، وزق من خمر قال: فأكلت وشربت معهم. قال: فذكرت الأنصار والمهاجرين عندهم، فقلت: المهاجرون خير من الأنصار. قال: فأخذ رجل أحد لحيي الرأس، فضربني به، فجرح بأنفي، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فأنزل الله عز وجل في؛ يعني نفسه شأن الخمر: إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان
.


(الشرح)

(عن مصعب بن سعد ، عن أبيه ، رضي الله عنه؛ أنه نزلت فيه : آيات من القرآن ؛ قال : حلفت أم سعد : أن لا تكلمه أبدا ، حتى يكفر بدينه ، ولا تأكل ولا تشرب . قالت : زعمت أن الله أوصاك بوالديك؛ فأنا أمك - وأنا آمرك بهذا . قال : مكثت ثلاثا، حتى غشي عليها من [ ص: 350 ] الجهد ، فقام ابن لها ، يقال له : "عمارة" فسقاها . فجعلت تدعو على سعد، فأنزل الله عز وجل - في القرآن - هذه الآية : ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا . وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا .

قال : وأصاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : غنيمة عظيمة ، فإذا فيها سيف ، فأخذته ، فأتيت به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . فقلت : نفلني هذا السيف ، فأنا من قد علمت حاله . فقال : "رده من حيث أخذته" . فانطلقت ، حتى إذا أردت أن ألقيه في القبض) بفتح القاف : الموضع الذي يجمع فيه الغنائم .

(لامتني نفسي ، فرجعت إليه ؛ فقلت : أعطنيه . قال : فشد لي صوته : "رده من حيث أخذته" . قال : فأنزل الله عز وجل : يسألونك عن الأنفال .

قال : ومرضت ، فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم؛ فأتاني ، فقلت : دعني أقسم مالي ، حيث شئت . قال : فأبى . قلت : [ ص: 351 ] فالنصف . قال : فأبى . قلت : فالثلث . فسكت، فكان -بعد- الثلث جائزا . قال : وأتيت على نفر من الأنصار والمهاجرين ، فقالوا : تعال نطعمك ، ونسقيك خمرا. وذلك قبل أن يحرم الخمر . قال : فأتيتهم ، في حش) بفتح الحاء ، وضمها . ( "والحش" : البستان ، - فإذا رأس جزور مشوي - عندهم ، وزق من خمر . قال : فأكل وشربت معهم.

قال : فذكرت الأنصار والمهاجرين عندهم ؛ فقلت : المهاجرون خير من الأنصار . قال : فأخذ رجل أحد لحيي الرأس ، فضربني به ، فجرح بأنفي) .

وفي رواية أخرى : "فضرب به أنف سعد ففزره ، فكان أنف سعد مفزورا" . أي : مشقوقا . و"فزره" أي : شقه . بالزاي ، ثم الراء .

(فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فأخبرته ؛ فأنزل الله عز وجل : في - يعني : نفسه - شأن الخمر : إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان . فاجتنبوه .

أفاد الحديث : نزول الآيات في حق سعد . وهذه فضيلة ظاهرة له ، رضي الله عنه .

وفي رواية أخرى عنه ، عند مسلم : "قال أنزلت في : أربع آيات"

[ ص: 352 ] وساق الحديث : بمعنى حديث الباب .

قال النووي : وقد سبق شرح أكثر هذا الحديث ، مفرقا . انتهى .

قلت : وشرح الآيات التي أشار إليها في ضمن هذا الحديث : مبسوط في تفسيري : "فتح البيان ، في مقاصد القرآن" . على وجه التبيان .

التالي السابق


الخدمات العلمية