السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4446 [ ص: 357 ] (باب منه)

وهو في النووي ، في (الباب المتقدم) .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم النووي ، ص 192 ، 193 ج 15 ، المطبعة المصرية

(عن أبي هريرة، قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من النهار: لا يكلمني، ولا أكلمه، حتى جاء سوق بني قينقاع، ثم انصرف، حتى أتى خباء فاطمة، فقال: "أثم لكع؟ أثم لكع؟" -يعني حسنا- فظننا أنه، إنما تحبسه أمه: لأن تغسله، وتلبسه سخابا. فلم يلبث: أن جاء يسعى، حتى اعتنق كل واحد منهما صاحبه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أحبه فأحبه وأحبب من يحبه" ") .


(الشرح)

(عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، في طائفة) أي قطعة (من النهار ، لا يكلمني ولا أكلمه ، حتى جاء سوق بني قينقاع) : بضم النون ، وفتحها ، وكسرها . (ثم انصرف حتى أتى خباء فاطمة ، رضي الله عنها) . بكسر الخاء ، وبالمد. أي : بيتها (فقال : "أثم لكع ؟ أثم لكع ؟" .

[ ص: 358 ] المراد به هنا : الصغير . (يعني : حسنا ، رضي الله عنه؛ فظننا أنه ، إنما تحبسه أمه : لأن تغسله ، وتلبسه سخابا) : بكسر السين المهملة ، وبالخاء المعجمة . جمعه : "سخب" . وهو "قلادة" من القرنفل ، والمسك ، والعود . ونحوها من أخلاط الطيب ، يعمل على هيئة السبحة ، ويجعل "قلادة" للصبيان والجواري.

وقيل : هو خيط فيه خرز . سمي "سخابا" : لصوت خرزه عند حركته . من "السخب" : بفتح السين والخاء. يقال : "الصخب" بالصاد . وهو اختلاط الأصوات .

وفي هذا الحديث : جواز إلباس الصبيان : "القلائد ، والسخب" ، ونحوها من الزينة . واستحباب تنظيفهم ، لاسيما عند لقائهم أهل الفضل . واستحباب النظافة مطلقا.

(فلم يلبث : أن جاء يسعى ، حتى اعتنق كل واحد منهما صاحبه) .

فيه : استحباب ملاطفة الصبي ومداعبته ، رحمة له ، ولطفا .

واستحباب التواضع مع الأطفال ، وغيرهم .

واختلف العلماء في معانقة الرجل للرجل القادم من سفر ؛ فكرهها مالك ، وقال : هي بدعة . واستحبها سفيان ، وغيره . قال النووي : وهو الصحيح ، الذي عليه الأكثرون ، والمحققون .

وتناظر مالك ، وسفيان ، في المسألة ؛ فاحتج سفيان : بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؛ فعل ذلك بجعفر ، حين قدم . فقال مالك : هو [ ص: 359 ] خاص به . فقال سفيان : ما يخصه بغير دليل؟! فسكت مالك . قال عياض : سكوت مالك دليل لتسليمه قول سفيان ، وموافقته . وهو الصواب ، حتى يدل دليل للتخصيص .

(فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "اللهم! إني أحبه ، فأحبه ، وأحب من يحبه") .

فيه : حث على حبه ، وبيان فضيلته . رضي الله عنه .

وفي حديث البراء عند مسلم ؛ قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : واضعا الحسن بن علي على عاتقه ، وهو يقول : "اللهم ! إني أحبه ، فأحبه" .

"والعاتق" : ما بين المنكب والعنق .

وفيه : ملاطفة الصبيان ، ورحمتهم ، ومماستهم . وأن رطوبات وجوههم ونحوها : طاهرة ، حتى تتحقق نجاستها . ولم ينقل عن السلف : التحفظ منها . ولا يخلون منها غالبا .

وعند البخاري ، من حديث "أبي بكرة" : نفيع بن الحارث الثقفي قال : سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، على المنبر - والحسن إلى جنبه ، ينظر إلى الناس مرة ، وإليه مرة. ويقول : "ابني هذا سيد" الحديث.

[ ص: 360 ] وعنده ؛ عن أسامة بن زيد ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؛ (أنه كان يأخذه ، والحسن ، ويقول : "اللهم! إني أحبهما ، فأحبهما" ، أو كما قال) . وقال أنس : "كان - يعني : الحسين -أشبههم- أي : أشبه أهل البيت - برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . وكان مخضوبا بالوسمة" . رواه البخاري.

وعن ابن عمر ، قال : قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : "ما ريحانتاي من الدنيا" . أخرجه البخاري.

ووجه الشبه : أن الولد يشم ، ويقبل .

وعند الترمذي ، من حديث أنس : "أن النبي، صلى الله عليه وآله وسلم : كان يدعو الحسن والحسين ، فيشمهما ويضمهما إليه" .

وفي الباب : أحاديث تدل على فضائلهما ، وهي كثيرة ، طيبة جدا .

التالي السابق


الخدمات العلمية