السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4487 (باب منه)

وهو في النووي ، في (الباب المذكور) .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم النووي ، ص 5، 6 ج 16، المطبعة المصرية

(عن عائشة ، قالت: كن أزواج النبي، صلى الله عليه وسلم: عنده لم يغادر منهن واحدة. فأقبلت فاطمة تمشي، ما تخطئ مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم: شيئا فلما رآها: رحب بها، فقال: "مرحبا بابنتي" . ثم أجلسها عن يمينه -أو عن شماله-، ثم سارها: فبكت بكاء شديدا. فلما رأى جزعها: سارها الثانية: فضحكت.

[ ص: 368 ] فقلت لها: خصك رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين نسائه: بالسرار، ثم أنت تبكين؟!

فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، سألتها: ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

قالت: ما كنت أفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سره.

قالت: فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: عزمت عليك بما لي عليك من الحق: لما حدثتني: ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم!

فقالت: أما الآن، فنعم. أما حين سارني (في المرة الأولى) : فأخبرني: "أن جبريل كان يعارضه القرآن في كل سنة: مرة -أو مرتين- وإنه عارضه الآن: مرتين. وإني لا أرى الأجل إلا قد اقترب. فاتقي الله واصبري، فإنه: نعم السلف أنا لك" . قالت: فبكيت بكائي الذي رأيت.

فلما رأى جزعي: سارني الثانية، فقال:
"يا فاطمة! أما ترضي أن تكوني: سيدة نساء المؤمنين؟ -أو سيدة نساء هذه الأمة؟-" قالت: فضحكت ضحكي الذي رأيت


. )
(الشرح)

(عن عائشة ، رضي الله عنها، قالت : كن أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؛ عنده ، لم يغادر منهن واحدة . فأقبلت فاطمة ، رضي [ ص: 369 ] الله عنها، تمشي ، ما تخطئ مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؛ شيئا . فلما رآها: رحب بها ؛ فقال : "مرحبا بابنتي" . ثم أجلسها عن يمينه - أو عن شماله - ثم سارها) بتشديد الراء : (فبكت بكاء شديدا ، فلما رأى جزعها : سارها الثانية : فضحكت . فقلت لها : خصك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، من بين نسائه : بالسرار ، ثم أنت تبكين ؟! فلما قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، سألتها : ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ قالت : ما كنت لأفشي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : سره) .

وما ألطف ما قال بعض "العرفاء" ، في مثل هذا المقام :


ومستخبر عن سر ليلى كتمته بعمياي عن ليلى بعين يقين     يقولون خبرنا فأنت أمينها
وما أنا إن خبرتهم بأمين



(قالت : فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قلت : عزمت عليك بما لي عليك من الحق لما حدثتني : ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وآله (وسلم . فقالت : أما الآن ، فنعم ؛ أما حين سارني -في المرة الأولى-: فأخبرني أن جبريل كان يعارضه القرآن في كل سنة : مرة أو مرتين) . هكذا وقع في هذه الرواية . وذكر "المرتين" : [ ص: 370 ] شك من بعض الرواة . والصواب : حذفها ، كما في باقي الروايات .

(وإنه عارضه الآن : مرتين . وإني لا أرى) بضم الهمزة . أي : أظن (الأجل : إلا قد اقترب . فاتقي الله واصبري ، فإنه : نعم السلف أنا لك) . أي : المتقدم . أي : أنا متقدم قدامك ، فتردين علي . (قالت : فبكيت بكائي الذي رأيت . فلما رأى جزعي : سارني الثانية ، فقال : يا فاطمة ! أما ترضي) .

هكذا هو في النسخ : "ترضي" وهو لغة . والمشهور : "ترضين" (أن تكوني : سيدة نساء المؤمنين؟ - أو سيدة نساء هذه الأمة ؟ - قالت : فضحكت ضحكي الذي رأيت) .

وفي رواية أخرى بلفظ : "سارني ؛ فأخبرني بموته : فبكيت. ثم سارني ؛ فأخبرني أني أول من يتبعه من أهله : فضحكت" .

قال النووي : هذه معجزة ظاهرة له صلى الله عليه وآله وسلم . بل معجزتان ، فأخبر ببقائها بعده ، وبأنها أول أهله لحاقا به.

وضحكت سرورا بسرعة لحاقها .

وفيه : إيثارهم الآخرة ، وسرورهم بالانتقال إليها ، والخلاص من الدنيا . انتهى.

[ ص: 371 ] وفيه : أن فاطمة "رضي الله عنها" ؛ أعطاها الله سبحانه -على لسان نبيه- : سيادة نساء هذه الأمة بأسرها . أي امرأة كانت .

وفي رواية أخرى ، عند البخاري ، مرفوعا : "فاطمة سيدة نساء أهل الجنة" وهذه منقبة لا تساويها منقبة ، وفضيلة لا توازنها فضيلة . والله يختص برحمته من يشاء .

اللهم! اغفر لي خطيئتي يوم الدين ، وألحقني بأمي "فاطمة" في دار السلام، آمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية