السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4468 [ ص: 379 ] باب في فضائل عائشة أم المؤمنين ، رضي الله عنها، زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم

وقال النووي : (باب فضائل عائشة ، أم المؤمنين : رضي الله عنها) .

قلت : وهي الصديقة ، بنت الصديق . القرشية ، التيمية . أمها : "أم رومان" ابنة عامر بن عويمر . وكنيتها : "أم عبد الله" بابن أختها: عبد الله بن الزبير . ولدت في الإسلام ، قبل الهجرة : بثمان سنين ، أو نحوها . مات النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ولها : نحو "ثمانية عشر" عاما . وقد حفظت عنه شيئا كثيرا ، حتى قيل : إن ربع الأحكام الشرعية منقول عنها .

قال عطاء بن أبي رباح : كانت عائشة أفقه الناس ، وأعلم الناس ، وأحسن الناس رأيا في العامة .

وقال عروة بن الزبير : ما رأيت أحدا أعلم بفقه ، ولا بطب ، ولا بشعر : من عائشة .

وقال الزهري : لو جمع علم " عائشة " إلى علم جميع أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وعلم جميع النساء : لكان علم عائشة أفضل.

ومن خصائصها : أنها كانت أحب أزواج النبي صلى الله عليه وآله [ ص: 380 ] وسلم إليه . وبرأها الله مما رمى به أهل الإفك ، وأنزل الله "عز وجل" في عذرها وبراءتها وحيا يتلى في محاريب المسلمين ، إلى يوم الدين . والحمد لله رب العالمين.

توفيت سنة "ثمان وخمسين" من الهجرة ، في خلافة "معاوية" . وقد قاربت : "السبعين" . وذلك ليلة الثلاثاء ، لسبع عشرة خلت من رمضان . وصلى عليها : "أبو هريرة رضي الله عنه ، وعنها ، وعني معهما .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم النووي ، ص 202 ج 15، المطبعة المصرية

(عن عائشة ، أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أريتك في المنام: ثلاث ليال، جاءني بك: الملك في سرقة من حرير فيقول: "هذه امرأتك" فأكشف عن وجهك، فإذا أنت هي فأقول: إن يك هذا من عند الله يمضه ) .


(الشرح)

(عن عائشة ) رضي الله عنها : (أنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أريتك في المنام ، ثلاث ليال ؛ جاءني بك الملك في سرقة من حرير) بفتح السين . هي : الشقق البيض من [ ص: 381 ] الحرير . قاله أبو عبيدة ، وغيره ، (يقول: هذه امرأتك . فأكشف عن وجهك ، فإذا أنت هي . فأقول : إن يك هذا من عند الله : يمضه) .

قال عياض : إن كانت هذه الرؤيا قبل النبوة ، وقبل تخليص أحلامه صلى الله عليه وآله وسلم من الأضغاث ؛ فمعناها : "إن كانت رؤيا حق" .

وإن كانت بعد النبوة : فلها ثلاثة معان ؛

أحدها : أن المراد : إن تكن الرؤيا على وجهها وظاهرها ، لا تحتاج إلى تعبير وتفسير: فسيمضيه الله وينجزه . فالشك عائد إلى أنها : رؤيا على ظاهرها ، أم تحتاج إلى تعبير ، وصرف عن ظاهرها.

الثاني : أن المراد : إن كانت هذه الزوجة في الدنيا : يمضها الله .

فالشك : أنها زوجته في الدنيا ، أم في الجنة .

الثالث : أنه لم يشك ، ولكن أخبر على التحقيق . وأتى بصورة الشك كما قال : "أأنت أم أم سالم ؟" وهو نوع من البديع ، عند أهل البلاغة ، يسمونه : تجاهل العارف. وسماه بعضهم مزج الشك باليقين . انتهى .

ومفهوم الحديث : أن الله تعالى : اختار " عائشة " أن تكون زوجة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم . وهذه فضيلة ، وأي فضيلة .

التالي السابق


الخدمات العلمية