السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4460 (باب منه)

وهو في النووي ، في (باب فضائل خديجة ، رضي الله عنها) .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم النووي ، ص 199 ج15، المطبعة المصرية

(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو كريب وابن نمير قالوا حدثنا ابن فضيل عن عمارة، عن أبي زرعة، قال: سمعت أبا هريرة قال: أتى [ ص: 505 ] جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله! هذه خديجة ، قد أتتك معها إناء فيه إدام -أو طعام. أو شراب-، فإذا هي أتتك: فاقرأ عليها السلام من ربها "عز وجل" ومني. وبشرها: ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب. .

قال أبو بكر -في روايته-: (عن أبي هريرة) ولم يقل: "سمعت" . ولم يقل في الحديث: "ومني" .


(الشرح)

(عن أبي هريرة ، رضي الله عنه . قال : أتى جبريل النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

وعند الطبراني ، في رواية سعيد بن كثير : أن ذلك كان وهو بحراء.

(فقال : يا رسول الله ! هذه خديجة ، قد أتتك) أي : توجهت إليك (معها إناء فيه إدام) بكسر الهمزة . (أو) قال (طعام) .

في رواية الطبراني المذكورة : "أنه كان حيسا" (أو شراب. فإذا هي أتتك) أي : وصلتك ، (فاقرأ) بفتح الراء (عليها السلام) أي سلم عليها (من ربها عز وجل ، ومني) .

[ ص: 506 ] وهذا لعمر الله ! خاصة لم تكن لسواها .

زاد الطبراني - في روايته المذكورة - : (فقالت : هو السلام ، ومنه السلام . وعلى جبريل السلام) . زاد النسائي - من حديث أنس - :(وعليك ، يا رسول الله! السلام ، ورحمة الله ، وبركاته) فجعلت مكان رد السلام على الله : الثناء عليه تعالى . ثم غايرت بين ما يليق بالله ، وما يليق بغيره . وهذا يدل على وفور فقهها ، كما لا يخفى.

(وبشرها ببيت في الجنة ، من قصب) .

قال جمهور العلماء : المراد به : "قصب اللؤلؤ" المجوف ، كالقصر المنيف . وقيل: قصب من ذهب ، منظوم بالجوهر .

قال أهل اللغة : "القصب من الجوهر" : ما استطال منه في تجويف . قالوا : ويقال لكل مجوف : "قصب" . وقد جاء في الحديث مفرا "ببيت من لؤلؤة محياة" . وفسروه بمجوفة .

قال الخطابي ، وغيره : المراد بالبيت هنا : "القصر" .

(لا صخب فيه) بفتح الصاد والخاء . وهو الصوت المختلط المرتفع .

(ولا نصب) وهو المشقة ، والتعب . ويقال فيه : بضم النون وإسكان الصاد ، وبفتحهما . لغتان . حكاهما عياض وغيره - كالحزن والحزن - .

[ ص: 507 ] والفتح أشهر ، وأفصح ، وبه جاء القرآن. وقد "نصب الرجل" بفتح النون ، وكسر الصاد : إذا "أعيى" .

وقد أبدى "السهيلي" لنفي هاتين الصفتين حكمة لطيفة ؛ فقال : لأنه صلى الله عليه وآله وسلم ، لما دعا إلى الإيمان : أجابت خديجة "رضي الله عنها" طوعا، - فلم تحوجه إلى رفع الصوت - من غير منازعة ولا تعب ، بل أزالت عنه كل تعب، وآنسته من كل وحشة ، وهونت عليه كل عسير : فناسب أن يكون منزلها الذي بشرها به ربها : بالصفة المقابلة لفعلها ، وصورة حالها . قال : ومن خواصها : أنها لم تسؤه قط ، ولم تغاضبه .

قال النووي : وهذه فضائل ظاهرة ، لخديجة ، رضي الله عنها . وهذا الحديث من مراسيل الصحابة ؛ لأن أبا هريرة لم يدرك خديجة ولا أيامها . وهو حجة عند الجماهير . وهو محمول على أنه سمعه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، أو من صحابي . ولم يذكر أبو هريرة - هنا - سماعه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية