السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4467 (باب منه)

وهو في النووي ، (في الباب الماضي) .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم النووي ، ص 201، 202 ج 15، المطبعة المصرية

(عن عائشة ، قالت: استأذنت هالة بنت خويلد (أخت خديجة ) على رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرف استئذان خديجة : فارتاح لذلك، فقال: "اللهم! هالة بنت خويلد؟" فغرت، فقلت: وما تذكر من عجوز من عجائز قريش، حمراء الشدقين، هلكت في الدهر، فأبدلك الله خيرا منها

. )
(الشرح)

(عن عائشة ، رضي الله عنها، قالت : استأذنت هالة بنت خويلد) - زوج الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس : "والد أبي العاص بن الربيع، زوج زينب بنت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، (أخت خديجة ) بنت خويلد-: (على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الدخول [ ص: 512 ] عليه ، في المدينة - وكانت قد هاجرت إلى المدينة - . ويحتمل : أن تكون دخلت عليه بمكة ، حيث كانت عائشة معه ، في بعض سفراته .

(فعرف استئذان خديجة ) . أي : صفة استئذانها ، لشبه صوتها بصوت أختها ، فتذكر خديجة بذلك : (فارتاح لذلك) بالحاء المهملة . أي اهتز لذلك سرورا .

وفي البخاري : "فارتاع" بالعين المهملة . أي : فزع . والمراد : لازمه . أي : تغير .

قال النووي : "ارتاح" أي : هش لمجيئها وسر بها ، لتذكره بها : خديجة ، وأيامها .

قال : وفي هذا كله : دليل لحسن العهد ، وحفظ الود ، ورعاية حرمة الصاحب والعشير : في حياته ووفاته ، وإكرام أهل ذلك الصاحب .

(فقال : اللهم!) أي : اجعلها (هالة بنت خويلد؟) . قالت : (فغرت، فقلت : وما تذكر من عجوز من عجائز قريش ، حمراء الشدقين) أي : عجوز كبيرة جدا ، حتى قد سقطت أسنانها من الكبر ، ولم يبق لشدقها : بياض شيء من الأسنان . إنما بقي فيه : حمرة لثاتها.

"حمراء" : تأنيث "أحمر" . و "الشدق" بالكسر : جانب الفم .

[ ص: 513 ] (خمشاء الساقين) أي : دقيقتهما.

(هلكت في الدهر ، فأبدلك الله خيرا منها) .

وفي رواية أخرى : عند أحمد ، والطبراني : "فقلت : قد أبدلك الله بكبيرة السن : حديثة السن ، فغضب حتى قلت : والذي بعثك بالحق لا أذكرها بعد هذا إلا بخير" . وهذا يرد على السفاقسي : أن في سكوته صلى الله عليه وآله وسلم ، على ذلك : دليلا على فضل عائشة على خديجة ، إلا أن يكون المراد بالخيرية هنا : حسن الصورة ، وصغر السن .

قال عياض : قال الطبري ، وغيره من العلماء : "الغيرة" مسامح للنساء فيها ، لا عقوبة عليه فيها : لما جبلن عليه من ذلك . ولهذا لم تزجر عائشة عنها.

قال القاضي : وعندي أن ذلك جرى من عائشة ؛ لصغر سنها ، وأول شبيبتها . ولعلها لم تكن بلغت حينئذ . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية