السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4489 باب في فضائل أم سلمة ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين رضي الله عنها

ولفظ النووي : (باب من فضائل أم سلمة) .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم النووي ، ص 7، 8 جـ16، المطبعة المصرية

(عن المعتمر بن سليمان قال: سمعت أبي: حدثنا أبو عثمان عن سلمان، قال: لا تكونن -إن استطعت- أول من يدخل السوق، ولا آخر من يخرج منها، فإنها معركة الشيطان، وبها ينصب رايته. قال: وأنبئت [ ص: 516 ] أن جبريل، عليه السلام، أتى نبي الله صلى الله عليه وسلم -وعنده أم سلمة- قال: فجعل يتحدث، ثم قام، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة، من هذا -أو كما قال- قالت: هذا دحية .

قال: فقالت أم سلمة: ايم الله! ما حسبته إلا إياه،
حتى سمعت خطبة نبي الله صلى الله عليه وسلم: يخبر خبرنا -أو كما قال- قال: فقلت لأبي عثمان ممن سمعت هذا؟ قال من أسامة بن زيد)
.


(الشرح)

(عن أبي عثمان، عن سلمان ؛ قال : لا تكونين - إن استطعت - أول من يدخل السوق) .

"السوق" تؤنث ، وتذكر. سميت بذلك : لقيام الناس فيها على سوقهم .

(ولا آخر من يخرج منها ؛ فإنها معركة الشيطان) .

قال أهل اللغة : "المعركة" ، بفتح الراء : موضع القتال ، لمعاركة الأبطال بعضهم بعضا فيها ، ومصارعتهم . فشبه "السوق ، وفعل الشيطان بأهلها ، ونيله منهم" : بالمعركة ، لكثرة ما يقع فيها من أنواع الباطل ، كالغش ، والخداع ، والأيمان الخائنة ، والعقود الفاسدة ، والنجش ، والبيع على بيع أخيه ، والشراء على شرائه ، والسوم على سومه ، وبخس المكيال والميزان .

[ ص: 517 ] (وبها ينصب رايته) إشارة : إلى ثبوته هناك ، واجتماع أعوانه إليه ؛ للتحريش بين الناس ، وحملهم على هذه المفاسد المذكورة ونحوها . فهي موضعه ، وموضع أعوانه . قاله النووي .

قلت : والأولى : إجراء هذه اللفظة على ظاهرها ؛ فإنه لا مانع من حملها على الحقيقة ، ولا داعي لها إلى المجاز . ولا ينافي ذلك : عدم رؤيتنا لتلك الراية، كما لا نرى الشياطين . والله أعلم .

قال: وأنبئت : أن جبريل ، عليه السلام : أتى نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم - وعنده أم سلمة - قال: فجعل يتحدث ، ثم قام . فقال نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم ؛ لأم سلمة : "من هذا؟" - أو كما قال - قالت : هذا دحية الكلبي) بفتح الدال ، وكسرها.

(قال: فقالت أم سلمة : ايم الله ! ما حسبته إلا إياه ، حتى سمعت خطبة نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم : يخبر خبرنا) .

قال النووي : هكذا هو في "نسخ بلادنا" . وكذا نقله القاضي عياض عن بعض الرواة والنسخ . وعن بعضهم : "يخبر خبر جبريل" ، قال : وهو الصواب . وقد وقع في البخاري على الصواب.

(- أو كما قال . قال : فقلت لأبي عثمان : ممن سمعت هذا ؟ قال : من أسامة بن زيد) .

[ ص: 518 ] فيه : منقبة لأم سلمة ، رضي الله عنها .

وفيه : جواز رؤية البشر الملائكة ، ووقوع ذلك . ويرونهم على صورة الآدميين ، لأنهم لا يقدرون على رؤيتهم على صورهم . وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم : يرى جبريل على صورة دحية غالبا . ورآه مرتين على صورته الأصلية .

التالي السابق


الخدمات العلمية