السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4525 (باب منه)

وهو في النووي، في (الباب المتقدم).

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم النووي، ص 36 ج16، المطبعة المصرية

(عن جرير بن عبد الله البجلي، قال: . قال لي رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "يا جرير! ألا تريحني من ذي الخلصة؟" -بيت لخثعم، كان يدعى: كعبة اليمانية- قال: فنفرت في خمسين ومائة فرس. وكنت لا أثبت على الخيل، فذكرت ذلك لرسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ فضرب يده في صدري؛ فقال: "اللهم! ثبته، واجعله هاديا مهديا".

قال: فانطلق، فحرقها بالنار. ثم بعث جرير إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، رجلا يبشره، يكنى: "أبا أرطاة" منا. فأتى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال له: ما جئتك حتى تركناها كأنها جمل أجرب، فبرك رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على خيل "أحمس" ورجالها خمس مرات).



[ ص: 636 ] (الشرح)

(عن جرير، رضي الله عنه) قال: قال لي رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: يا جرير! ألا تريحني) من الإراحة (من ذي الخلصة) بالخاء واللام والصاد المفتوحات، هذا هو المشهور.

وحكى عياض أيضا: ضم الخاء، مع فتح اللام. وأيضا: فتح الخاء وسكون اللام (بيت لخثعم) قبيلة من اليمن. وكان فيه أصنام يعبدونها (كان يدعى: كعبة اليمانية) بتخفيف الياء. وحكي تشديدها.

وهو هكذا في جميع النسخ؛ من إضافة الموصوف إلى صفته. وأجازه الكوفيون. وقدر البصريون فيه حذفا، أي: كعبة الجهة اليمانية. ويقال له أيضا -كما في رواية البخاري-: "الكعبة الشامية".

قال عياض: ذكر "الشامية" غلط من الرواة. والصواب: حذفها. انتهى.

يعني: أن "الكعبة الشامية" هي التي بمكة المشرفة، ففرقوا بينهما بالوصف المميز، وأوله النووي، فراجع.

[ ص: 637 ]

(قال: فنفرت إليه) أي: خرجت للقتال. (في خمسين ومائة فارس. وكنت لا أثبت على الخيل، فذكرت ذلك لرسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم، فضرب بيده في صدري، فقال: "اللهم! ثبته، واجعله هاديا مهديا". قال: فانطلق، فحرقها بالنار. ثم بعث جرير إلى رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم، رجلا يبشره، يكنى: "أبا أرطاة" منا).

وفي بعض الروايات؛ "فجاء بشير جرير -أبو أرطاة- حصين بن ربيعة" هكذا هو في بعض النسخ: بالصاد. وفي أكثرها: "حسين" بالسين. وذكر عياض الوجهين. قال: والصواب: "الصاد" وهو الموجود في نسخة "ابن ماهان".

(فأتى رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم، فقال له: ما جئتك حتى تركناها كأنها جمل أجرب).

قال عياض: معناه: مطلي بالقطران؛ لما به من الجرب، فصار أسود لذلك، يعني: صارت سوداء من إحراقها.

وفيه: النكاية بآثار الباطل، والمبالغة في إزالته.

وفيه: استحباب إرسال البشير: بالفتوح ونحوها.

(فبرك رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: على خيل "أحمس" ورجالها: خمس مرات).

[ ص: 638 ]

"أحمس": بفتح الهمزة: "قبيلة جرير" وكان الفرسان المذكورون من قبيلته هذه، فدعا لها ولهم رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم.

وفيه: فضيلة ظاهرة لجرير، ولأحمس: "خيلها ورجالها" ويا لها من دعاء، وقع خمس مرات، وبلغ مبلغ الاستجابة.

التالي السابق


الخدمات العلمية