السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4613 [ ص: 27 ] (باب منه)

وهو في النووي ، في (الباب المتقدم) .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم النووي ، ص95 ،96 ج16 ، المطبعة المصرية

(عن أسير بن جابر ، قال : كان عمر بن الخطاب ، إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن : سألهم أفيكم أويس بن عامر ؟ حتى أتى على أويس ، فقال : أنت أويس بن عامر ؟ قال : نعم . قال : من مراد ، ثم من قرن ؟ قال : نعم . قال : فكان بك برص ، فبرأت منه ، إلا موضع درهم ؟ قال : نعم . قال : لك والدة ؟ قال : نعم .

قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : "يأتي عليكم : أويس بن عامر ، مع أمداد أهل اليمن ، من مراد ، ثم من قرن . كان به برص ، فبرأ منه ، إلا موضع درهم . له والدة ، هو بها بر . لو أقسم على الله ، لأبره . فإن استطعت أن يستغفر لك : فافعل" فاستغفر لي . فاستغفر له .

فقال له عمر : أين تريد ؟ قال : الكوفة . قال : ألا أكتب لك إلى عاملها ؟ قال : أكون في غبراء الناس : أحب إلي .

قال : فلما كان من العام المقبل : حج رجل من أشرافهم ، فوافق عمر ، فسأله عن أويس ؟ قال : تركته رث البيت ، قليل المتاع . قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول :
"يأتي عليكم : أويس [ ص: 28 ] بن عامر ، مع أمداد أهل اليمن ، من مراد ، ثم من قرن . كان به برص ، فبرأ منه ، إلا موضع درهم . له والدة ، هو بها بر . لو أقسم على الله ، لأبره . فإن استطعت أن يستغفر لك : فافعل" فأتى أويسا ، فقال : استغفر لي . قال : أنت أحدث عهدا بسفر صالح ، فاستغفر لي .

قال : استغفر لي . قال : أنت أحدث عهدا بسفر صالح ، فاستغفر لي .

قال : لقيت عمر ؟ قال : نعم . فاستغفر له . ففطن له الناس ، فانطلق على وجهه . قال أسير : وكسوته بردة . فكان كلما رآه إنسان ، قال : من أين لأويس ، هذه البردة ؟
) .


(الشرح)

(عن أسير بن جابر) : بضم الهمزة ، وفتح السين .

ويقال : "أسير بن عمرو" . ويقال : "يسر" بضم الياء .

(قال : كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ؛ إذا أتى عليه أمداد أهل اليمن : سألهم : أفيكم أويس بن عامر ؟) كذا رواه مسلم هنا . وهو المشهور .

وقال ابن ماكولا : ويقال : "أويس بن عمرو" . قالوا : وكنيته : "أبو عمرو" وقيل : قتل بصفين .

وروي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : نادى مناد -يوم صفين- : [ ص: 29 ] أفي القوم أويس القرني ؟ ، فوجد في القتلى ، من أصحاب علي رضي الله عنهم .

(حتى أتى على أويس ، فقال : أنت أويس بن عامر ؟ قال : نعم . قال : من مراد ، ثم من قرن ؟ قال : نعم) .

فهو "القرني" ، من "بني قرن" بفتح القاف والراء . وهي بطن من مراد . وهو "قرن بن رومان بن ناحية بن مراد" .

وقال الكلبي : "ومراد" اسمه : جابر بن مالك ، بن أدد ، بن صحب ، بن يعرب ، بن زيد ، بن كهلان ، بن سبأ .

وهذا هو الصواب ، ولا خلاف فيه .

وفي صحاح الجوهري : أنه منسوب إلى "قرن المنازل" : الجبل المعروف "ميقات الإحرام" لأهل نجد .

قال النووي : وهذا غلط فاحش .

(قال : فكان بك برص ، فبرئت منه ، إلا موضع درهم ؟ قال : نعم . قال : لك والدة ؟ قال : نعم . قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، يقول : يأتي عليكم : أويس بن عامر ، مع أمداد أهل اليمن) : هم الجماعة الغزاة ، الذين يمدون جيوش الإسلام في الغزو . واحدهم : "مدد" .

[ ص: 30 ] (من مراد ، ثم من قرن . كان به برص ، فبريء منه . إلا موضع درهم . له والدة ، هو بها بر . لو أقسم على الله ، لأبره ، فإن استطعت أن يستغفر لك : "فافعل" فاستغفر لي . فاستغفر له . فقال له عمر : أين تريد ؟ قال : الكوفة . قال : ألا أكتب لك إلى عاملها ؟ قال : أكون في غبراء الناس ، أحب إلي) بفتح الغين ، وسكون الباء ، وبالمد . أي : ضعافهم ، وصعاليكهم ، وأخلاطهم : الذين لا يؤبه لهم . وهذا : من إيثار الخمول ، وكتم حاله .

(قال : فلما كان من العام القابل : حج رجل من أشرافهم ، فوافق عمر "رضي الله عنه" ، فسأله عن أويس ؟ قال : تركته رث البيت ، قليل المتاع) .

"الرثاثة ، والبذاذة" بمعنى . وهو حقارة المتاع ، وضيق العيش .

(قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، يقول : "يأتي عليكم : أويس بن عامر ، مع أمداد من أهل اليمن ، من مراد ، ثم من قرن ، كان به برص ، فبرئ منه ، إلا موضع درهم . له والدة ، هو بها بر . لو أقسم على الله ، لأبره ، فإن استطعت أن يستغفر لك : فافعل" .

[ ص: 31 ] فأتى أويسا ، فقال : استغفر لي . قال : أنت أحدث عهدا بسفر صالح ، فاستغفر لي . قال : استغفر لي . قال : أنت أحدث عهد بسفر صالح ، فاستغفر لي . قال : لقيت عمر ؟ قال : نعم . فاستغفر له . ففطن له الناس ، فانطلق على وجهه . قال أسير : وكسوته بردة ، فكان كلما رآه إنسان ، قال : من أين لأويس هذه البردة ؟) .

قال النووي في قصة أويس هذه : معجزات ظاهرة ، لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . ومنقبة باهرة ، لأويس .

وفيه : استحباب طلب الدعاء والاستغفار : من أهل الصلاح ، وإن كان الطالب أفضل منهم .

وفيه : فضل بر الوالدين ، وفضل العزلة ، وإخفاء الأحوال ، وكتم السر الذي بينه وبين الله ، عز وجل . ولا يظهر منه شيء يدل لذلك .

قال : وهذه طريق العارفين ، وخواص الأولياء . انتهى .

قلت : وفيه دليل على أن أويسا من التابعين ، ومن خيرهم ، وأنه كان مستجاب الدعوة ، وأنه لو أقسم على الله تعالى لأبره .

التالي السابق


الخدمات العلمية