السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4620 باب : الناس كإبل مائة ، لا تجد فيها راحلة

ولفظ النووي : (باب قوله صلى الله عليه وآله وسلم : "الناس كإبل مائة ، لا تجد فيها راحلة") .

[ ص: 37 ] (حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم النووي ، ص101 ج16 ، المطبعة المصرية

(عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "تجدون الناس : كإبل مائة ، لا يجد الرجل فيها : راحلة" ) .


(الشرح)

قال ابن قتيبة : "الراحلة" : النجيبة ، المختارة من الإبل : للركوب ، وغيره . فهي كاملة الأوصاف . فإذا كانت في إبل : عرفت .

قال : ومعنى الحديث : أن الناس متساوون ، ليس لأحد منهم فضل : في النسب . بل هم أشباه ، كالإبل المائة .

وقال الأزهري : "الراحلة عند العرب" : الجمل النجيب ، والناقة النجيبة .

قال : والهاء فيها للمبالغة ، كما يقال : "رجل فهامة ، ونسابة" .

قال : والمعنى الذي ذكره "ابن قتيبة" : غلط . بل معنى الحديث : أن الزاهد في الدنيا ، الكامل في الزهد فيها ، والرغبة في الآخرة : قليل جدا ، كقلة "الراحلة" في الإبل . هذا كلام الأزهري .

قال النووي : وهو أجود من كلام "ابن قتيبة" . وأجود منهما : قول آخرين : إن معناه : "المرضى الأحوال من الناس ، الكامل الأوصاف ، الحسن المنظر ، القوي على الأحمال والأسفار" : قليل جدا ، كالراحلة [ ص: 38 ] في جماعات الإبل . وسميت "راحلة" : لأنها ترحل . أي : يجعل عليها الراحلة . فهي "فاعلة" ، بمعنى مفعولة ، "كعيشة راضية" . أي : مرضية ، ونظائره . انتهى .

وبالجملة : الحديث خبر عن فقد الرجال الأخيار ، وقلة الناس الأبرار ، مع كثرة نوعهم في الدنيا ، على وجه الأرض . بحيث لا تكاد تنحصر . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية