السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4697 باب : إن الله يحب الرفق

وهو في النووي ، في (الباب الماضي) .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم النووي ، ص146 ج16 ، المطبعة المصرية

(عن عائشة ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال : "يا عائشة ! إن الله رفيق يحب الرفق ، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ، وما لا يعطي على ما سواه" ) .


(الشرح)

(عن عائشة ، زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : يا عائشة ! إن الله رفيق) .

[ ص: 115 ] فيه : تصريح بتسميته "سبحانه وتعالى" ، ووصفه برفيق .

قال المازري : لا يوصف الله إلا بما سمى به نفسه ، أو سماه به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أو أجمعت الأمة عليه .

وأما ما لم يرد إذن في إطلاقه ، ولا ورد منع في وصف الله تعالى به ففيه خلاف ؛

منهم من قال : يبقى على ما كان قبل ورود الشرع ، فلا يوصف بحل ولا حرمة .

ومنهم : من منعه .

قال : وللأصوليين المتأخرين خلاف في تسمية الله تعالى : بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : بخبر الآحاد ؛

فقال بعض حذاق الأشعرية : يجوز ، لأن خبر الواحد (عنده) يقتضي العمل . وهذا عنده من باب العمليات . لكنه يمنع إثبات أسمائه تعالى بالأقيسة الشرعية ، وإن كانت يعمل بها في المسائل الفقهية .

وقال بعض متأخريهم : يمنع ذلك .

فمن أجاز ذلك فهم من مسالك الصحابة قبولهم ذلك في مثل هذا .

ومن منع لم يسلم ذلك ، ولم يثبت عنده إجماع فيه ، فبقي على المنع .

[ ص: 116 ] قال المازري : فإطلاق "رفيق" ؛ إن لم يثبت بغير هذا الحديث الآحاد جرى في جواز استعماله الخلاف الذي ذكرنا .

قال : ويحتمل أن يكون "رفيق" صفة فعل . وهي ما يخلقه الله تعالى من الرفق لعباده . انتهى .

قال النووي : والصحيح : جواز تسمية الله تعالى : "رفيقا" وغيره ، مما ثبت بخبر الواحد . قال : وإنه اختيار إمام الحرمين . انتهى .

قلت : وتمام هذا البحث ، في (كتاب الجوائز والصلات ، من جمع الأسامي والصفات) .

(يحب الرفق ، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف) أي : يثيب عليه ما لا يثيب على غيره .

وقال عياض : معناه يتأتى به من الأغراض ، ويسهل من المطالب ما لا يتأتى بغيره .

(وما لا يعطي على ما سواه) أي : سوى الرفق .

وفي رواية : "عليك بالرفق" .

وأما "العنف" بضم العين وفتحها وكسرها (حكاهن عياض) ، والضم أفصح ، وأشهر : فهو ضد "الرفق" .

وفي هذا : الحث على الرفق ، وذم العنف .

التالي السابق


الخدمات العلمية