السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4693 باب في المداراة ، ومن يتقى فحشه

وقال النووي : (باب مداراة من يتقى فحشه) .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم النووي ، ص144 ج16 ، المطبعة المصرية

(عن ابن المنكدر ؛ سمع عروة بن الزبير يقول : حدثتني عائشة ؛ أن رجلا استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فقال : "ائذنوا له ، [ ص: 122 ] فلبئس ابن العشيرة -أو بئس رجل العشيرة-" .

فلما دخل عليه ، ألان له القول . قالت عائشة : فقلت : يا رسول الله ! قلت له الذي قلت . ثم ألنت له القول ؟ قال : "يا عائشة !
إن شر الناس منزلة ، عند الله -يوم القيامة- : من ودعه -أو تركه- الناس ، اتقاء شره "
) .


(الشرح)

(عن عائشة رضي الله عنها ؛ أن رجلا استأذن على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؛ فقال : "ائذنوا له ، فلبئس ابن العشيرة -أو بئس رجل العشيرة-" فلما دخل عليه ، ألان له القول . قالت عائشة : فقلت : يا رسول الله ! قلت له الذي قلت ، ثم ألنت له القول ؟ قال : "يا عائشة ! إن شر الناس منزلة -عند الله ، يوم القيامة- : من ودعه -أو تركه- الناس ، اتقاء فحشه") .

قال عياض : هذا الرجل ، هو "عيينة بن حصن" . ولم يكن أسلم حينئذ ، وإن كان قد أظهر الإسلام ، فأراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أن يبين حاله ، ليعرفه الناس ، ولا يغتر به من لم يعرف حاله .

قال : وكان منه -في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وبعده- : ما دل على ضعف إيمانه ، وارتد مع المرتدين ، وجيء به أسيرا [ ص: 123 ] إلى أبي بكر رضي الله عنه . ووصف النبي صلى الله عليه وآله وسلم له بأنه "بئس أخو العشيرة" : من أعلام النبوة . لأنه ظهر كما وصف . وإنما ألان له القول : تألفا له ولأمثاله على الإسلام .

قال النووي : وفي هذا الحديث مداراة من يتقى فحشه ، وجواز غيبة الفاسق المعلن بفسقه ، ومن يحتاج الناس إلى التحذير منه . ولم يمدحه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ولا ذكر أنه أثنى عليه في وجهه ، ولا في قفاه . إنما تألفه بشيء من الدنيا ، مع لين الكلام .

والمراد بالعشيرة : قبيلته . أي : بئس هذا الرجل منها .

التالي السابق


الخدمات العلمية