السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4722 [ ص: 125 ] باب الذي يملك نفسه عند الغضب

وقال النووي : (باب فضل من يملك نفسه عند الغضب ، وبأي شيء يذهب الغضب) .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم النووي ، ص161 ج16 ، المطبعة المصرية

(عن عبد الله بن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما تعدون الرقوب فيكم ؟" قال : قلنا : الذي لا يولد له . قال : "ليس ذاك بالرقوب . ولكنه الرجل الذي لم يقدم من ولده شيئا" .

قال : "فما تعدون الصرعة فيكم ؟" قال : قلنا : الذي لا يصرعه الرجال . قال : "ليس بذلك ، ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب"
) .


(الشرح)

(عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "ما تعدون الرقوب فيكم ؟") هو بفتح الراء وتخفيف القاف .

وأصل الرقوب -في كلام العرب- : الذي لا يعيش له ولد .

(قال : قلنا : الذي لا يولد له . قال : وليس ذاك بالرقوب . ولكنه الرجل الذي لم يقدم من ولده شيئا") .

[ ص: 126 ] معناه : إنكم تعتقدون أن الرقوب المحزون هو المصاب بموت أولاده . وليس كذلك شرعا ، بل هو من لم يمت أحد من أولاده في حياته فيحتسبه ، فيكتب له ثواب مصيبته به ، وثواب صبره عليه . ويكون له فرطا وسلفا .

(قال : "فما تعدون الصرعة فيكم ؟") بضم الصاد وفتح الراء . وأصله -في كلام العرب- : الذي يصرع الناس كثيرا .

(قال : قلنا : الذي لا يصرعه الرجال . قال : ليس بذلك . ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب") .

معناه : إنكم تعتقدون أن الصرعة الممدوح القوي الفاضل : هو القوي الذي لا يصرعه الرجال بل يصرعهم . وليس هو كذلك شرعا . بل هو من يملك نفسه عند الغضب . فهذا هو الفاضل الممدوح الذي قل من يقدر على التخلق بخلقه ، ومشاركته في فضيلته . بخلاف الأول .

وفي الحديث : فضل موت الأولاد والصبر عليهم . ويتضمن الدلالة لمذهب من يقول بتفضيل التزوج . وهو مذهب أبي حنيفة رحمه الله وبعض الشافعية .

وفيه : كظم الغيظ ، وإمساك النفس عند الغضب عن الانتصار والمخاصمة والمنازعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية