السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4726 [ ص: 127 ] باب التعوذ عند الغضب

وهو في النووي ، في : (الباب المتقدم) .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم النووي ، ص163 ،164 ج16 ، المطبعة المصرية

(عن الأعمش ؛ سمعت عدي بن ثابت يقول : حدثنا سليمان بن صرد ، قال : استب رجلان -عند النبي صلى الله عليه وسلم- ، فجعل أحدهما : يغضب ، ويحمر وجهه . فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فقال : "إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" . فقام إلى الرجل : رجل ممن سمع النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : أتدري ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، آنفا ؟ قال : "إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" .

فقال له الرجل : أمجنونا تراني ؟
) .


(الشرح)

(عن سليمان بن صرد رضي الله عنه ، قال : استب رجلان -عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم- ؛ فجعل أحدهما يغضب ويحمر وجهه . فنظر إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم : فقال : إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه) .

[ ص: 128 ] وفي رواية أخرى : (استب رجلان -عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم- فجعل أحدهما تحمر عيناه ، وتنتفخ أوداجه . قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "إني لأعرف كلمة ، لو قالها لذهب عنه الذي يجد : أعود بالله من الشيطان الرجيم") .

فيه : أن الغضب -في غير الله تعالى- من نزغ الشيطان ، وأنه ينبغي لصاحب الغضب : أن يستعيذ ، فيقول : "أعوذ بالله إلخ" . وأنه : سبب لزوال الغضب .

(فقام إلى الرجل : رجل ممن سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : أتدري ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، آنفا ؟ قال : "إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" . فقال له الرجل : أمجنون تراني ؟) .

وفي رواية أخرى "فقال الرجل : وهل ترى بي من جنون ؟" .

وهو كلام من لم يفقه في دين الله تعالى ، ولم يتهذب بأنوار الشريعة المكرمة . وتوهم : أن الاستعاذة مختصة بالمجنون . ولم يعلم أن الغضب من نزغات الشيطان ، ولهذا يخرج به الإنسان عن اعتدال حاله ، ويتكلم بالباطل ، ويفعل المذموم ، وينوي الحقد والبغض ، وغير ذلك من القبائح المرتبة على الغضب . ولهذا قال النبي صلى الله عليه [ ص: 129 ] وآله وسلم ، للذي قال له أوصني : "لا تغضب" . فرد مرارا ، قال : "لا تغضب" فلم يزده في الوصية ، على "لا تغضب" ، مع تكراره الطلب .

وهذا دليل ظاهر ، في عظم مفسدة الغضب ، وما ينشأ منه .

ويحتمل أن هذا القائل : "هل ترى بي من جنون ؟" : كان من المنافقين ، أو من جفاة الأعراب . والله أعلم .

قلت : وأي جنون يكون أعظم من أن يقول رجل في مقابلة كلامه صلى الله عليه وسلم : "أمجنون تراني ؟" .

التالي السابق


الخدمات العلمية