السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4633 باب في البر والإثم

ولفظ النووي : (باب تفسير البر والإثم) .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم النووي ، ص111 ج16 ، المطبعة المصرية

(عن نواس بن سمعان ، قال : أقمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم -بالمدينة- سنة ما يمنعني من الهجرة إلا المسألة . كان أحدنا ، إذا هاجر لم يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء .

[ ص: 131 ] قال : فسألته عن البر والإثم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"البر حسن الخلق ، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس"
) .


(الشرح)

(عن النواس بن سمعان) الأنصاري ، (رضي الله عنه) ؛ هكذا وقع في نسخ صحيح مسلم : "الأنصاري " .

قال أبو علي الجياني : هذا وهم . وصوابه "الكلابي" . فإن النواس كلابي مشهور .

قال المازري ، وعياض : المشهور أنه كلابي . ولعله حليف للأنصار .

"وسمعان" : بفتح السين ، وكسرها .

(قال : أقمت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم -بالمدينة- سنة ، ما يمنعني من الهجرة إلا المسألة . كان أحدنا إذا هاجر لم يسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن شيء) .

قال عياض : معناه : أنه أقام بالمدينة كالزائر من غير نقله إليها من وطنه لاستيطانها . وما منعه من الهجرة وهي الانتقال من الوطن واستيطان المدينة إلا الرغبة في سؤال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن أمور الدين . فإنه كان سمح بذلك للطارئين ، دون [ ص: 132 ] المهاجرين ، وكان المهاجرون يفرحون بسؤال الغرباء الطارئين من الأعراب وغيرهم ، لأنهم يحتملون في السؤال ويعذرون . ويستفيد المهاجرون الجواب . كما في حديث آخر عن أنس ؛ -عند مسلم- : "وكان يعجبنا أن يجيء الرجل العاقل من أهل البادية ، فيسأله" والله أعلم .

(قال : فسألته عن البر والإثم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؛ البر حسن الخلق) .

قال أهل العلم : "البر" يكون بمعنى الصلة . وبمعنى اللطف ، والمبرة وحسن الصحبة والعشرة . وبمعنى : الطاعة .

وهذه الأمور هي مجامع حسن الخلق .

(والإثم : ما حاك في نفسك) أي : تحرك وتردد ، ولم ينشرح له الصدر . وحصل في القلب منه الشك ، وخوف كونه ذنبا .

(وكرهت أن يطلع عليه الناس) .

هذا من جوامع الكلم ، التي لا يصدر مثلها إلا من مشكاة الرسالة . كيف وقد احتوى على جميع أنواع البر وأقسام الإثم . ولم يغادر منهما صغيرا ولا كبيرا ؟

التالي السابق


الخدمات العلمية