السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4688 [ ص: 173 ] (باب النهي عن السباب

ومثله (في النووي) .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم النووي ، ص140 ،141 ج16 ، المطبعة المصرية

(عن أبي هريرة رضي الله عنه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : "المستبان ما قالا فعلى البادئ ما لم يعتد المظلوم" ) .


(الشرح)

معناه : أن "اسم السباب" الواقع من اثنين : مختص -بالبادئ منهما- كله ، إلا أن يتجاوز الثاني قدر الانتصار ؛ فيقول للبادئ أكثر مما قال له .

وفي هذا الحديث جواز الانتصار . قال النووي : ولا خلاف في جوازه ، وقد تظاهرت عليه دلائل الكتاب ، والسنة . قال الله تعالى : ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل . وقال تعالى : والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون .

قال : ومع هذا فالصبر والعفو أولى وأفضل ، لما قال تعالى : [ ص: 174 ] ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور . وللحديث الآخر : "ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا" .

قال : واعلم أن سباب المسلم بغير حق حرام ، كما قال صلى الله عليه وآله وسلم : "سباب المسلم فسوق" . ولا يجوز للمسبوب : أن ينتصر ، إلا بمثل ما سبه ، ما لم يكن كذبا ، أو قذفا ، أو سبا لأسلافه .

فمن صور المباح أن ينتصر : بيا ظالم ! يا أحمق ! أو جافي ! أو نحو ذلك ، لأنه لا يكاد أحد ينفك من هذه الأوصاف .

قالوا : وإذا انتصر المسبوب استوفى ظلامته ، وبرئ الأول من حقه . وبقي عليه إثم الابتداء أو الإثم المستحق لله تعالى .

وقيل : يرتفع عنه جميع الإثم بالانتصار منه ، ويكون معنى "على البادئ" ، أي : عليه اللوم والذم لا الإثم .

التالي السابق


الخدمات العلمية