السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4713 (باب منه)

وهو في النووي ، في (الباب الماضي) .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم النووي ، ص155 ،156 ج16 ، المطبعة المصرية

(حدثنا محمد بن المثنى العنزي . "ح" وحدثنا ابن بشار . (واللفظ لابن المثنى) ، قالا : حدثنا أمية بن خالد ؛ حدثنا شعبة عن أبي حمزة القصاب ؛ عن ابن عباس ، قال : كنت ألعب مع الصبيان . فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتواريت خلف باب . قال : فجاء فحطأني حطأة . وقال : "اذهب وادع لي معاوية" قال : فجئت ، فقلت : هو [ ص: 206 ] يأكل . قال : ثم قال لي : "اذهب فادع لي معاوية" . قال : فجئت ، فقلت : هو يأكل .

فقال : "لا أشبع الله بطنه"
.

قال ابن المثنى : قلت لأمية : ما حطأني ؟ قال : قفدني قفدة) .


(الشرح)

(عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : كنت ألعب مع الصبيان . فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فتواريت خلف باب . قال فجاء ، فحطأني) بحاء ، ثم طاء مهملتين . وبعدها : همزة (حطأة) : بفتح الحاء ، وإسكان الطاء بعدها همزة ، وهو "الضرب باليد" مبسوطة ، بين الكتفين . وإنما فعل هذا بابن عباس ، ملاطفة وتأنيسا .

وقال : "اذهب ، ادع لي معاوية" . قال : فجئت ، فقلت : هو يأكل . قال : ثم قال لي : "اذهب ، فادع لي معاوية" . قال : فجئت ، فقلت : هو يأكل . فقال : "لا أشبع الله بطنه") .

قال النووي : دعاؤه صلى الله عليه وآله وسلم ، على معاوية : أن لا يشبع ، حين تأخر ، ففيه الجوابان السابقان ؛

أحدهما : أنه جرى على اللسان ، بلا قصد .

[ ص: 207 ] الثاني : أنه عقوبة له لتأخره .

وقد فهم مسلم "رحمه الله تعالى" وإيانا ؛ من هذا الحديث : أن معاوية لم يكن مستحقا للدعاء عليه . فلهذا أدخله في هذا الباب ، وجعله غيره : من مناقب معاوية ، لأنه في الحقيقة يصير دعاء له . انتهى .

قلت : ليس هذا من المناقب له في شيء . بل فيه نوع إشارة إلى حرصه على الدنيا ، وأنه لا يقنع ، وقد وقع ما أشار به في حقه ، فإنه بغى على علي "رضي الله عنه" . وكان هذا البغي للدنيا ، حتى صار ملكا من ملوك الإسلام . والله أعلم .

(قال ابن المثنى : قلت لأمية : ما حطأني ؟ قال : قفدني قفدة) بقاف ، ثم فاء ، ثم دال مهملة . معناه : "صفع الرأس ، ببسط الكف ، من قبل القفا" .

وفي هذا الحديث جواز ترك الصبيان يلعبون : بما ليس بحرام .

وفيه : اعتماد الصبي : فيما يرسل فيه من دعاء إنسان ونحوه ، من حمل هدية ، وطلب حاجة ، وأشباهه .

وفيه : جواز إرسال صبي غيره ، ممن يدل عليه : في مثل هذا .

ولا يقال : هذا تصرف في منفعة الصبي ، لأن هذا قدر يسير ، ورد الشرع بالمسامحة به ، للحاجة . واطرد به العرف ، وعمل المسلمين . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية