السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4733 باب في الذين يعذبون الناس

وقال النووي : (باب الوعيد الشديد لمن عذب الناس بغير حق) .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص 167 ج16، المطبعة المصرية

(عن عروة بن الزبير، عن هشام بن حكيم بن حزام، قال: مر بالشام على أناس وقد أقيموا في الشمس، وصب على رءوسهم الزيت. فقال: ما هذا؟ قيل يعذبون في الخراج. فقال: أما إني سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: «إن الله يعذب الذين يعذبون في الدنيا») .


(الشرح)

قال النووي : هذا محمول على التعذيب بغير حق، فلا يدخل فيه التعذيب بحق؛ كالقصاص، والحدود، والتعزير، ونحو ذلك. انتهى.

وفي رواية أخرى: «مر هشام على أناس من الأنباط -بالشام- وقد أقيموا في الشمس. فقال: ما شأنهم؟ قالوا: حبسوا في الجزية. فقال هشام: أشهد لسمعت رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم. إلخ»

[ ص: 333 ] والأنباط: هم «فلاحو العجم».

وزاد في حديث «جرير»: «قال: وأميرهم -يومئذ- عمير بن سعد: على فلسطين، فدخل عليه، فحدثه، فأمر بهم فخلوا».

«فلسطين» بكسر الفاء: هي بلاد بيت المقدس، وما حولها.

وفي رواية أخرى: أن هشام بن حكيم وجد رجلا، وهو على حمص، يشمس ناسا من النبط في أداء الجزية، فقال: ما هذا؟ إني سمعت رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم؛ يقول.. الحديث.

والحديث يشمل كل ما يصدق عليه أنه عذاب في الدنيا، وليس ما ورد به الشرع الشريف، ولا شك أن ولاة الأمور: يعذبون أهل الحرث والزرع، من الفلاحين وغيرهم، على عدم أداء الجزية بما لم يأذن به الله، ولا رسوله، صلى الله عليه واله وسلم.

وهذا ظلم منهم عليهم، والظلم حرام، وعلى الحرام عذاب.

والذي ينبغي -في هذا الباب- مطالبتهم بها بالرفق، والمسامحة، وحسن التدبير، وضبط الأموال التي يجوز ضبطها، دون ما لا يجوز القبض عليها من آلات الزرع، وأدوات الحرث، وما في معنى ذلك.

التالي السابق


الخدمات العلمية