السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4922 باب التعوذ، من زوال النعمة

وذكره النووي، في (باب أكثر أهل الجنة: الفقراء. وأكثر أهل النار: النساء. وبيان الفتنة بالنساء) .

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص 54 ج 17، المطبعة المصرية

(عن عبد الله بن عمر قال كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك ) .


[ ص: 662 ] (الشرح)

"الفجأة": بفتح الفاء، وإسكان الجيم، مقصورة. على وزن "ضربة". "والفجاءة": بضم الفاء، وفتح الجيم، والمد. لغتان. و"هي البغتة".

هذا الحديث، أخرجه بهذا اللفظ - من حديثه -: أبو داود، والنسائي، إلا أن "أبا داود"؛ قال: "وتحويل عافيتك".

قال الشوكاني (في التحفة) : "استعاذ رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم: من زوال النعمة؛ لأن ذلك لا يكون، إلا عند: عدم شكرها، والمعنى على ما تقتضي وتستحقه: كالبخل بما يوجبه النعمة: - على صاحبها. من تأدية ما يجب عليه: من الشكر، والمواساة، وإخراج ما يجب إخراجه".

واستعاذ أيضا: من تحول عافيته "سبحانه"، لأنه إذا كان قد اختصه الله سبحانه: بعافيته، فقد ظفر بخيري الدارين. فإن تحولت عنه: فقد أصيب بشري الدارين. فإن العافية: بها يكون صلاح أمور الدنيا والدين.

[ ص: 663 ] واستعاذ "صلى الله عليه وسلم": من فجاءة نقمة الله "سبحانه"، لأنه إذا انتقم من العبد: أحل به من البلاء: ما لا يقدر على دفعه، ولا يستدفع: سائر المخلوقين - وإن اجتمعوا جميعا - كما في الحديث: الصحيح، القدسي: "أن العباد، لو اجتمعوا على أن ينفعوا أحدا: لم يقدروا على نفعه. أو اجتمعوا جميعا على أن يضروا واحدا: لم يقدروا على ضره".

و"الفجاءة": بضم الفاء، وفتح الجيم ممدود: من "فاجأه مفاجأة": إذا جاءه بغتة، من غير أن يعلم بذلك.

وفي رواية: بفتح الفاء، وإسكان الجيم، من غير مد.

واستعاذ، صلى الله عليه وآله وسلم: من جميع سخطه، لأنه "سبحانه". إذا سخط على العبد: فقد هلك، وخاب، وخسر، ولو كان السخط: في أدنى شيء وبأيسر سبب.

ولهذا؛ قال الصادق المصدوق: "وجميع سخطك". وجاء بهذه العبارة - الشاملة لكل سخط -: "اللهم ! إنا نعود بك: من جميع سخطك، ونسألك: رضاك. فمن رضيت عنه: فقد فاز في جميع أموره، وأفلح في كل شؤونه. ونعوذ بك: من زوال نعمتك، وتحول [ ص: 664 ] عافيتك، وفجاءة نقمتك. يا رحمن ! يا رحيم ! يا ذا الجلال والإكرام ! يا حي ! يا قيوم !". انتهى.

قال النووي : هذا الحديث: أدخله مسلم، بين أحاديث النساء. وكان ينبغي: أن يقدمه عليها كلها.

قال: وهذا الحديث، رواه مسلم عن " أبي زرعة الرازي ": أحد حفاظ الإسلام، وأكثرهم حفظا. ولم يرو مسلم (في صحيحه) عنه: غير هذا الحديث.

وهو من أقران مسلم . توفي بعد مسلم : بثلاث سنين، سنة أربع وستين ومائتين. انتهى.

قلت: واسمه "عبيد الله بن عبد الكريم"، كما في مسلم نفسه.

التالي السابق


الخدمات العلمية