السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4954 باب قبول التوبة من مسيء الليل والنهار

وأورده النووي، في (باب قبول التوبة: من الذنوب، وإن تكررت الذنوب والتوبة).

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص 76، ج 17، المطبعة المصرية

(عن أبي موسى رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم؛ قال: «إن الله عز وجل، يبسط يده بالليل: ليتوب مسيء النهار. ويبسط يده بالنهار: ليتوب مسيء الليل. حتى تطلع الشمس من مغربها»


[ ص: 57 ] (الشرح)

أي: لا يختص قبولها بوقت.

قال النووي: «وبسط اليد» استعارة في قبول التوبة. قال المازري: المراد قبولها).

وإنما ورد لفظ «بسط اليد»: لأن العرب، - إذا رضي أحدهم الشيء: بسط يده لقبوله. وإذا كرهه: قبضها عنه. فخوطبوا بأمر حسي يفهمونه. وهو مجاز. فإن «يد الجارحة»: مستحيلة في حق الله تعالى. انتهى.

وأقول: لا ملجئ إلى جعل هذا البسط: استعارة، ومجازا. بل هو على حقيقته: بلا كيف، ولا تعطيل، ولا تمثيل، ولا تشبيه. وهذا الاعتقاد يكفي، مع الإيمان: بقبول التوبة، على ما وعد به الله تعالى ؛ في هذا الحديث، وفي غيره. والله لا يخلف الميعاد.

وما أطول مدة قبولها ! وما أعظم غفلة الناس، عن التوبة ! انظر إلى سعة رحمة الله تعالى، ورأفته بعباده. قد أخر قبول التوبة: إلى طلوع الشمس من المغرب. ولم يقيده: بوقت، دون وقت من ليل ونهار، بل كل وقت يتوب فيه: فالله يتوب عليه، بفضله ومنه وكرمه.

وهذا الحديث: يؤيد الحديث السابق، ويشده من عضده.

التالي السابق


الخدمات العلمية