السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4948 [ ص: 67 ] باب فيما عند الله تعالى: من الرحمة، والعقوبة

وهو في النووي، في: (الباب المتقدم).

(حديث الباب) وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص 70 ج17، المطبعة المصرية

(عن أبي هريرة، رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم؛ قال: «لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة: ما طمع بجنته أحد. ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة: ما قنط من جنته أحد») .


(الشرح)

بل يحصل له: الرجاء فيها. لأنه يعطي عليه: ما يعلمه من العذاب العظيم.

وعبر بالمضارع، في قوله: «يعلم»، دون الماضي: إشارة إلى أنه لم يقع له علم، ولا يقع. لأنه إذا امتنع في المستقبل، كان ممتنعا فيما مضى.

[ ص: 68 ] وقال الكرماني «لو» هنا: لانتفاء الثاني. انتهى.

قلت: فيه إثبات عقوبة الله تعالى، وإثبات رحمته. وأن كلا منهما: لا يقادر قدره.

وقد ثبت بالأحاديث السابقة: أن رحمته سابقة غالبة على غضبه، الذي هو عقوبته وسخطه. «ولا ييأس من روح الله: إلا القوم الكافرون».

وأما المؤمنون: فيخافون، ويرجون. والله أرحم بهم من كل أحد: في الدنيا، وفي الآخرة. إن شاء الله تعالى.

وقد اشتمل هذا الحديث: على الترهيب والترغيب معا.

قال بعض أهل العلم: «المؤمن» يتردد بين الخوف والرجاء، - لخفاء السابقة - وذلك لأنه ينظر تارة: إلى عيوب نفسه، فيخاف. وتارة: ينظر إلى كرم الله، فيرجو.

وقيل: يجب أن يزيد خوف العالم، على رجائه ؛ لأن خوفه يزجره: عن المناهي، ويحمله: على الأوامر. ويجب أن يعتدل خوف العارف ورجاؤه ؛ لأن عينه ممتدة إلى السابقة، ورجاء المحب: يجب أن يزيد على خوفه ؛ لأنه بساط الجمال.

«والرجاء» بالمد «هو تعليق القلب بمحبوب»: من جلب نفع، أو دفع ضر. وسيحصل في المستقبل، وذلك بأن يغلب على القلب: الظن بحصوله، في المستقبل. والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية