السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
4969 باب يجعل لكل مسلم فداء من النار، من الكفار

وقال النووي: (باب سعة رحمة الله تعالى على المؤمنين، وفداء كل مسلم، بكافر: من النار).

[ ص: 106 ] (حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص 84، 85 ج 17، المطبعة المصرية

(عن أبي موسى؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان يوم القيامة، دفع الله عز وجل، إلى كل مسلم: يهوديا، أو نصرانيا، فيقول: هذا فكاكك من النار»).


(الشرح)

(عن أبي موسى) رضي الله عنه ؛ (قال: قال رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم: «إذا كان يوم القيامة، دفع الله إلى كل مسلم: يهوديا أو نصرانيا. فيقول: هذا فكاكك من النار»).

وفي رواية: « لا يموت رجل مسلم، إلا أدخل الله مكانه النار: يهوديا، أو نصرانيا» .

وفي رواية: « يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين: بذنوب، أمثال الجبال، فيغفرها الله لهم، يضعها على اليهود والنصارى » .

فيما أحسب.

«والفكاك»: بفتح الفاء وكسرها. والفتح: أفصح، وأشهر. وهو «الخلاص والفداء».

[ ص: 107 ] ومعنى هذا الحديث: ما جاء في حديث «أبي هريرة»: «لكل أحد: منزل في الجنة، ومنزل في النار. فالمؤمن إذا دخل الجنة: خلفه الكافر في النار»، لاستحقاقه ذلك بكفره).

ومعنى «فكاكك من النار»: أنك كنت معرضا لدخول النار. وهذا فكاكك. لأن الله تعالى: قدر لها عددا يملؤها.

فإذا دخلها الكفار: بكفرهم وذنوبهم، صاروا في معنى الفكاك للمسلمين.

وأما رواية: «يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين: بذنوب»، فمعناه: أن الله يغفر تلك الذنوب للمسلمين، ويسقطها عنهم. ويضع على اليهود والنصارى: مثلها، بكفرهم، وذنوبهم، فيدخلهم النار: بأعمالهم، لا بذنوب المسلمين.

ولا بد من هذا التأويل، لقوله تعالى: ولا تزر وازرة وزر أخرى .

وقوله «ويضعها»: مجاز. والمراد: «يضع عليهم مثلها، بذنوبهم»، كما ذكرنا.

لكن لما أسقط سبحانه وتعالى - عن المسلمين -: سيئاتهم، وأبقى على الكفار: سيئاتهم. صاروا في معنى من حمل إثم الفريقين، لكونهم: حملوا الإثم الباقي، وهو إثمهم.

[ ص: 108 ] ويحتمل أن يكون المراد: آثاما كان الكفار سببا فيها، بأن سنوها» فتسقط عن المسلمين: بعفو الله تعالى. ويوضع على الكفار: مثلها، لكونهم سنوها.

ومن سن سنة سيئة: كان عليه مثل وزر كل من يعمل بها. والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية