السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
5059 باب ترائي أهل الجنة أهل الغرف

وذكره النووي، في: (الكتاب السابق).

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص 169 ج 17، المطبعة المصرية

(عن أبي سعيد الخدري؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: «إن أهل الجنة، ليتراءون: أهل الغرف، من فوقهم، كما تتراءون: الكوكب الدري، الغابر من الأفق - من المشرق أو المغرب -، لتفاضل ما بينهم».

قالوا: يا رسول الله! تلك منازل الأنبياء، لا يبلغها غيرهم ؟ قال: «بلى. والذي نفسي بيده! رجال آمنوا بالله، وصدقوا المرسلين»).



[ ص: 159 ] (الشرح)

(عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه ؛ (أن رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم ؛ قال: إن أهل الجنة، ليتراءون) أي: يرى بعضهم بعضا.

(أهل الغرف): بضم الغين، وفتح الراء. جمع «غرفة»، بالضم، والسكون. وهو «القصر الرفيع».

وقيل: الجنة طبقات. أعاليها: للسابقين. وأوساطها: للمقتصدين. وأسافلها: للمخلطين.

(من فوقهم، كما يتراءون: الكوكب الدري، الغابر من الأفق - من المشرق، أو المغرب - لتفاضل ما بينهم).

هكذا هو في عامة النسخ: «من الأفق». وقال عياض: لفظة «من» لابتداء الغاية.

ووقع في رواية البخاري: «في الأفق» قال بعضهم: وهو الصواب.

[ ص: 160 ] قال «ابن القيم»: وهو أبين. قال: وفي التمثيل به دون الكوكب المسامت للرأس ، وهو أعلى -: فائدتان ؛ إحداهما: بعده عن العيون.

والثانية: أن الجنة درجات، بعضها أعلى من بعض. وإن لم تسامت العليا: السفلى. كالبساتين الممتدة: من رأس الجبل، إلى ذيله. والله أعلم. انتهى.

وذكر بعضهم: أن «من» في رواية «مسلم»: لانتهاء الغاية. وقد جاءت كذلك، كقولهم: «رأيت الهلال، من خلل السحاب». قال: وهذا صحيح. ولكن حملهم لفظة «من» هنا، على «انتهاء الغاية»: غير مسلم. بل هي على بابها.

أي كان ابتداء رؤيته إياه: رؤيته من خلل السحاب، ومن الأفق.

قال: وقد جاء في رواية، عن ابن ماهان ؛ «على الأفق الغربي.

ومعنى «الغابر»: الذاهب، الماشي. أي الذي تدلى للغروب، وبعد عن العيون.

قال السيد: «الغابر» بالباء، من «الغبور». أي: الباقي، عند انتشار ضوء الفجر. فإنما يستنير عند ذلك الوقت: الكوكب الدري.

[ ص: 161 ] ويروى: «الغائر» بالهمز. من «الغور» أي: الذاهب في الأفق البعيد.

وقيل: هذه الرواية تصحيف، بلا شك. انتهى.

وروي في غير صحيح مسلم: «الغارب بتقديم الراء. وهو بمعنى ما ذكرناه.

وروي «العازب» بالعين، والزاي. ومعناه: البعيد في الأفق. وكلها راجعة إلى معنى واحد. قاله النووي.

وكلمة «أو) هي الموجودة: في كتاب مسلم، وفي شرح السنة، وجامع الأصول، ورياض الصالحين. قال السيد: وهو الأولى.

وفي نسخ المصابيح: «من المشرق والمغرب»..

وإنما ذكر «المشرق أو المغرب» دون السماء، لأن المقصود: البعد، والإنارة، معا.

(قالوا: يا رسول الله ! تلك منازل الأنبياء، لا يبلغها غيرهم ؟ قال: «بلى. والذي نفسي بيده ! رجال آمنوا بالله، وصدقوا المرسلين»).

. وهذا الحديث متفق عليه.

[ ص: 162 ] وفي الباب أحاديث، ذكرها «ابن القيم» في «الحادي».

وفي المسند، من حديث «أبي سعيد» يرفعه: «إن المتحابين لترى غرفهم، في الجنة، كالكوكب الطالع ؛ الشرقي أو الغربي. فيقال: من هؤلاء ؟ فيقال: هؤلاء المتحابون في الله، عز وجل»

التالي السابق


الخدمات العلمية