السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
5049 [ ص: 190 ] باب: حفت الجنة بالمكاره

وقال النووي: (كتاب الجنة، وصفة نعيمها، وأهلها).

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص 165 ج 17، المطبعة المصرية

(عن أنس بن مالك ) رضي الله عنه؛ (قال: قال رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم: «حفت الجنة بالمكاره. وحفت النار بالشهوات»).


(الشرح)

هكذا رواه مسلم: (حفت». ووقع في البخاري: «حفت» وأيضا «حجبت». وكلاهما صحيح.

قال العلماء: هذا من بديع الكلام، وفصيحه، وجوامعه التي أوتيها صلى الله عليه وآله وسلم: من التمثيل الحسن.

ومعناه: لا يوصل إلى الجنة، إلا بارتكاب المكاره. والنار إلا بالشهوات.

وكذلك هما محجوبتان بهما. فمن هتك الحجاب: وصل إلى المحجوب ؛ فهتك حجاب الجنة: باقتحام المكاره. وهتك حجاب النار: بارتكاب الشهوات.

[ ص: 191 ] فأما المكاره، فيدخل فيها: الاجتهاد في العبادات، والمواظبة عليها، والصبر على مشاقها، وكظم الغيظ، والعفو، والحلم والصدقة، والإحسان إلى المسيء، والصبر عن الشهوات، ونحو ذلك.

وأما الشهوات، التي النار محفوفة بها، فالظاهر أنها الشهوات المحرمة: كالخمر، والزنا، والنظر إلى الأجنبية، والغيبة، واستعمال الملاهي، ونحو ذلك.

وأما الشهوات المباحة، فلا تدخل في هذه. لكن يكره: الإكثار منها، مخافة أن يجر إلى المحرمة، أو يقسي القلب، أو يشغل عن الطاعات، أو يحوج إلى الاعتناء بتحصيل الدنيا: للصرف فيها، ونحو ذلك.

التالي السابق


الخدمات العلمية