السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3971 باب عذاب الذين يعذبون الناس

وهو في النووي، في: (الباب السابق)

[ ص: 246 ] (حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي، ص 190 ج 17، المطبعة المصرية

(عن أبي هريرة، رضي الله عنه. قال: قال رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم: «صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس. ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات. رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة. لا يدخلن الجنة؛ ولا يجدن ريحها. وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا، وكذا»).


(الشرح)

هذا الحديث، من معجزات النبوة. فقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وآله وسلم.

وأكثر الناس ابتلاء بهذا: ولاة الأمور، ونساؤهم.

قال النووي: أما أصحاب السياط، فهم «غلمان والي الشرطة». وأما «الكاسيات، ففيه أوجه ؛ أحدها: كاسيات من نعمة الله، عاريات من شكرها.

الثاني: كاسيات من الثياب، عاريات: من فعل الخير، والاهتمام لآخرتهن، والاعتناء بالطاعات.

[ ص: 247 ] الثالث: تكشف شيئا من بدنها، إظهارا لجمالها. فهن كاسيات عاريات.

الرابع: يلبسن ثيابا رقاقا، تصف ما تحتها. كاسيات عاريات في المعنى. انتهى.

قلت: ولا مانع من إرادة الجميع. فقد رأينا منهن: من تجمع تلك كلها.

قال: وأما مائلات مميلات؛ فقيل: زائغات عن طاعة الله تعالى، وما يلزمهن: من حفظ الفروج، وغيرها. ومميلات: يعلمن غيرهن، مثل فعلهن.

وقيل: مائلات: متبخترات في مشيتهن، مميلات أكتافهن.

وقيل: «مائلات»: يتمشطن المشطة الميلاء. وهي مشطة البغايا، معروفة لهن. مميلات: يمشطن غيرهن تلك المشطة.

وقيل: مائلات إلى الرجال، مميلات لهم: بما يبدين من زينتهن، وغيرها. انتهى.

وأقول: كل ما يصدق عليه أنه «ميل، وإمالة»: فهو يدخل تحت هذا الحديث.

قال: وأما رؤوسهن كأسنمة البخت»، فمعناه: يعظمن [ ص: 248 ] رؤوسهن: بالخمر والعمائم، وغيرها: مما يلف على الرأس، حتى تشبه أسنمة الإبل البخت. هذا هو المشهور في تفسيره.

قال المازري: ويجوز أن يكون معناه: يطمحن إلى الرجال، ولا يغضضن عنهم، ولا ينكسن رؤوسهن.

واختار عياض: أن «المائلات»: يمشطن المشطة الميلاء. قال: وهي ضفر الغدائر، وشدها إلى فوق، وجمعها في وسط الرأس، فتصير كأسنمة البخت.

قال: وهذا يدل على أن المراد بالتشبيه بها: إنما هو ارتفاع الغدائر، فوق رؤوسهن، وجمع عقائصها هناك، وتكثرها بما يضفرنه: حتى تميل إلى ناحية من جوانب الرأس، كما يميل السنام.

قال «ابن دريد»: يقال: ناقة ميلاء، إذا كان سنامها يميل إلى أحد شقيها. انتهى.

قلت: وقد رأيت هذه النساء كثيرا، في بعض بلاد الهند. ورآهن غيري في غير هذا الإقليم، من بلاد أخرى. وهن جامعات: لهذه الماجريات كلها.

وفيه: تصديق النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

[ ص: 249 ] وأما «عدم دخولهن الجنة»، فقال النووي: يتأول التأويلين، السابقين في نظائره ؛ أحدهما: أنه محمول على من استحلت حراما من ذلك، مع علمها بتحريمه. فتكون كافرة مخلدة في النار، ولا تدخل الجنة أبدا.

والثاني: يحمل على أنها لا تدخلها أول الأمر، مع الفائزين.

انتهى.

التالي السابق


الخدمات العلمية