السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
5139 باب: إذا تواجه المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار

وذكره النووي ، في: (كتاب الفتن).

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم النووي ، ص10 ، 11 ج18، المطبعة المصرية

(عن الأحنف بن قيس؛ قال: خرجت، وأنا أريد هذا الرجل. فلقيني أبو بكرة، فقال: أين تريد؟ يا أحنف!

قال: قلت: أريد نصر ابن عم رسول الله، صلى الله عليه وسلم. يعني: عليا-.

[ ص: 300 ] قال: فقال لي: يا أحنف! ارجع. فإني سمعت رسول الله. صلى الله عليه وسلم؛ يقول: إذا تواجه المسلمان بسيفيهما: فالقاتل والمقتول في النار".

قال: فقلت -أو قيل- يا رسول الله! هذا القاتل. فما بال المقتول؟

قال: "إنه قد أراد قتل صاحبه"
).


(الشرح)

(عن الأحنف بن قيس؛ قال: خرجت، وأنا أريد هذا الرجل. فلقيني أبو بكرة، فقال: أين تريد؟ يا أحنف! قال: قلت: أريد نصر ابن عم رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم - يعني: عليا، رضي الله عنه.

قال: فقال لي: يا أحنف! ارجع. فإني سمعت رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم؛ يقول: إذا تواجه المسلمان بسيفيهما) أي: ضرب كل واحد وجه صاحبه. أي: ذاته وجملته: (فالقاتل والمقتول في النار).

قال النووي : هذا محمول على من لا تأويل له. ويكون قتالهما عصبية، ونحوها.

[ ص: 301 ] ثم "كونه في النار" معناه: مستحق لها. وقد يجازى بذلك، وقد يعفو الله تعالى عنه.

قال: هذا مذهب أهل الحق. وقد سبق تأويله مرات. وعلى هذا يتأول: كل ما جاء من نظائره.

قال: واعلم: أن الدماء التي جرت بين الصحابة، رضي الله عنهم: ليست بداخلة في هذا الوعيد، ومذهب أهل السنة، والحق: إحسان الظن بهم، والإمساك عما شجر بينهم، وتأويل قتالهم. وأنهم مجتهدون متأولون. لم يقصدوا معصية، ولا محض الدنيا. بل اعتقد كل فريق: أنه المحق، ومخالفه باغ. فوجب عليه قتاله، ليرجع إلى أمر الله. وكان بعضهم مصيبا، وبعضهم مخطيا، معذورا في الخطأ، لأنه لاجتهاد.

والمجتهد، إذا أخطأ: لا إثم عليه.

وكان علي رضي الله عنه، هو المحق المصيب في تلك الحروب، هذا مذهب أهل السنة.

وكانت القضايا مشتبهة، حتى إن جماعة من الصحابة: تحيروا فيها، فاعتزلوا الطائفتين، ولم يقاتلوا. ولو تيقنوا الصواب: لم يتأخر عن مساعدته: أحد منهم . انتهى .

[ ص: 302 ] (قال: فقلت -أو قيل-: يا رسول الله! هذا القاتل. فما بال المقتول؟ قال: "إنه قد أراد قتل صاحبه").

قال النووي : فيه دلالة للمذهب الصحيح، الذي عليه الجمهور؛ أن من نوى المعصية، وأصر على النية: يكون آثما، وإن لم يفعلها، ولا تكلم.

وقد سبقت المسألة واضحة، في كتاب الإيمان. انتهى.

والحديث دليل على التجنب من الفتنة.

التالي السابق


الخدمات العلمية