السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
5184 باب: لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما، كأن وجوههم المجان المطرقة

وهذا ذكره النووي ، في: (كتاب الفتن).

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم النووي ، ص38 ج18، المطبعة المصرية

(عن أبي هريرة) رضي الله عنه؛ (قال: قال رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: "تقاتلون بين يدي الساعة قوما، نعالهم الشعر. كأن وجوههم: المجان المطرقة. حمر الوجوه، صغار الأعين" .

[ ص: 329 ] وفي رواية: "لا تقوم الساعة، حتى تقاتلوا قوما: كأن وجوههم المجان المطرقة. ولا تقوم الساعة، حتى تقاتلوا قوما: نعالهم الشعر" .

وفي أخرى: "لا تقوم الساعة، حتى تقاتلكم أمة ينتعلون الشعر. وجوههم مثل المجان المطرقة" .

وفي لفظ: "ولا تقوم الساعة، حتى تقاتلوا قوما: صغار الأعين، ذلف الآنف" .

وفي آخر: "حتى يقاتل المسلمون: الترك، قوما وجوههم كالمجان المطرقة. يلبسون الشعر، ويمشون في الشعر" .

وفي رواية: "حمر الوجوه، صغار الأعين" ).


(الشرح)

"المجان" بفتح: الميم، وتشديد النون: جمع "مجن" بكسر الميم، وهو الترس.

"والمطرقة": بإسكان الطاء، وتخفيف الراء. هذا الفصيح، المشهور في الرواية، وفي كتب اللغة والغريب.

[ ص: 330 ] وحكي: فتح الطاء، وتشديد الراء.

والمعروف: الأول.

قال العلماء: هي التي ألبست العقب، وأطرقت به: طاقة، فوق طاقة.

قالوا: ومعناه: تشبيه وجوه الترك (في عرضها، ونتو وجناتها): بالترسة المطرقة.

"وذلف": بالذال المعجمة، والدال المهملة. لغتان. المشهور: المعجمة.

وممن حكى الوجهين فيه: "صاحب المشارق، والمطالع". قالا: رواية الجمهور: بالمعجمة. وبعضهم: بالمهملة. والصواب: المعجمة.

وهو بضم الذال وإسكان اللام، جمع: "أذلف". كأحمر وحمر. ومعناه: فطس الأنوف، قصارها، مع انبطاح.

وقيل: هو غلظ في "أرنبة الأنف".

وقيل: تطامن فيها.

وكله: متقارب.

ومعنى "لبس الشعر": أنهم ينتعلونه.

قال النووي : وقد وجدوا في زماننا هكذا.

ومعنى "حمر الوجوه": بيض الوجوه، مشوبة بحمرة.

وفي هذه الرواية: "صغار الأعين".

[ ص: 331 ] قال: وهذه كلها، معجزات لرسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم؛ فقد وجد قتال هؤلاء الترك، بجميع صفاتهم، التي ذكرها رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم؛ من (1) صغار الأعين،

(2) حمر الوجوه،

(3) ذلف الآنف،

(4) عراض الوجوه، كأن وجوههم: المجان المطرقة.

(5) ينتعلون الشعر.

فوجدوا: بهذه الصفات كلها، في زماننا. وقاتلهم المسلمون مرات. وقتالهم الآن.

ونسأل الله الكريم: إحسان العاقبة للمسلمين؛ في أمرهم وأمر غيرهم، وسائر أحوالهم. وإدامة اللطف بهم، والحماية.

وصلى الله، على رسوله الذي لا ينطق عن الهوى: إن هو إلا وحي يوحى . انتهى كلام النووي ، رحمه الله .

وأنا أدعو أيضا، بهذا الدعاء. وأرجو من الله سبحانه: أن يظهر المسلمين على الكافرين، في كل وقت من أوقات الدهر.

[ ص: 332 ] وحيث صار الإسلام الآن غريبا، وظهرت أكثر الفتن التي أخبر بها رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم. ولم يبق منها: إلا الكبرى، التي هي مقدمة ظهور المهدي ، عليه السلام: فأسأل الله سبحانه أن يظهره، وينصر الإسلام. ورزقنا: لقاءه، وصحبته. والأمر قريب، إن شاء الله تعالى.

وقد آن أن تتم هذه المائة الثالثة عشر ، من هجرة سيد البشر. فإنه بقي منها: عام وشهران. وبالله التوفيق، وهو المستعان.

التالي السابق


الخدمات العلمية