السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
5156 باب في منع العراق درهمها

وهو في النووي، في: (كتاب الفتن).

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم النووي ، ص20 ج18، المطبعة المصرية

(عن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "منعت العراق: درهمها، وقفيزها. ومنعت الشأم: مديها، ودينارها. ومنعت مصر: إردبها، ودينارها. وعدتم من حيث بدأتم. وعدتم من حيث بدأتم. وعدتم من حيث بدأتم.

شهد على ذلك: لحم أبي هريرة ودمه" ).


[ ص: 367 ] (الشرح)

(عن أبي هريرة) رضي الله عنه؛ (قال: قال رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: إذا منعت العراق: درهمها، وقفيزها).

"القفيز": مكيال، معروف لأهل العراق. قال الأزهري: هو "ثمانية مكاكيك". "والمكوك": صاع ونصف. وهو "خمس كيلجات" .

(ومنعت الشأم: مديها)،

"المدي": بضم الميم على وزن "قفل". وهو مكيال، معروف لأهل الشام. قال العلماء: يسع "خمسة عشر مكوكا".

(ودينارها. ومنعت مصر: إردبها). "الإردب": مكيال، معروف لأهل مصر. قال الأزهري، وآخرون: يسع "أربعة وعشرين" صاعا .

وفي معنى "منعت العراق، والشام، ومصر": قولان مشهوران؛

أحدهما: لإسلامهم. فتسقط عنهم الجزية. وهذا قد وجد.

والثاني (هو الأشهر) أن معناه: أن العجم، والروم: يستولون على البلاد، في آخر الزمان، فيمنعون حصول ذلك للمسلمين. وقد روى مسلم هذا -بعد هذا بورقات-، عن جابر؛ قال: يوشك أن لا يجيء [ ص: 368 ] إليهم: قفيز، ولا درهم. قلنا. من أين ذلك؟ قال من قبل العجم. يمنعون ذلك.

وذكر في منع الروم: ذلك -بالشام- مثله. وهذا وجد في زماننا، في العراق. وهو الآن موجود.

وقيل: لأنهم يرتدون في آخر الزمان، فيمنعون ما لزمهم من الزكاة وغيرها.

وقيل: معناه: أن الكفار الذين عليهم الجزية، تقوى شوكتهم في آخر الزمان، فيمتنعون مما كانوا يؤدونه: من الجزية والخراج، وغير ذلك. قاله النووي . قلت: وقد وجد ذلك كله، في هذا الزمان الحاضر: في العراق، والشام، ومصر. واستولى الروم -يعني النصارى- على أكثر البلاد، في هذه المائة الثالثة عشر. ولهم الاستيلاء على سائرها كل يوم. ولله الأمر من قبل، ومن بعد.

[ ص: 369 ] (ودينارها. وعدتم من حيث بدأتم. وعدتم من حيث بدأتم. وعدتم من حيث بدأتم).

قال النووي : هو بمعنى الحديث الآخر: "بدأ الإسلام غريبا، وسيعود كما بدأ" انتهى.

وهذا أيضا، قد وجد على الوجه الأتم. وبلغت "غربة الإسلام"، إلى أن لم يبق في أيديه: حل ولا عقد. وصار أهله كالعبيد والأسراء، في أيدي الروم. كما كانت حال "بني إسرائيل" عند فرعون مصر. والناس ينتظرون: ظهور المهدي، ونزول عيسى، عليهما السلام. ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا. فقد طال الزمان، وآذنت الدنيا بانصرامها، وظهرت جملة الأشراط، وكملت. ودنت هذه المائة: إلى الختم. ولم يبق منها إلا شهران، وسنة واحدة. وملئت الدنيا: جورا، وظلما، وعدوانا، وفسقا، وفجورا. وجمعت المنكرات كلها، في كل قطر من أقطار الأرض. وعمت الكبائر: في العجم والعرب. وصار المعروف منكرا، والمنكر معروفا.

(شهد على ذلك: لحم أبي هريرة ودمه): هذا توثيق منه، رضي الله عنه: في أن الحديث، سمعه من رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، بلا شك، ولا شبهة طارية عليه.

التالي السابق


الخدمات العلمية