السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
5189 [ ص: 379 ] باب: يكون في آخر الزمان خليفة، يحثي المال حثيا

وذكره النووي ، في: (كتاب الفتن).

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم النووي ، ص38 ، 39 ج18، المطبعة المصرية

(عن الجريري، عن أبي نضرة؛ قال: كنا عند جابر بن عبد الله؛ فقال: يوشك أهل العراق، أن لا يجبى إليهم: قفيز، ولا درهم.

قلنا من أين ذاك؟ قال: من قبل العجم. يمنعون ذاك.

ثم قال: يوشك أهل الشأم، أن لا يجبى إليهم: دينار، ولا مدي.

قلنا: من أين ذاك؟ قال: من قبل الروم.

ثم سكت هنية، ثم قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
"يكون في آخر أمتي خليفة، يحثي المال حثيا. لا يعده عددا".


قال: قلت لأبي نضرة، وأبي العلاء: أتريان أنه عمر بن عبد العزيز؟ فقالا: لا).


(الشرح)

(عن الجريري، عن أبي نضرة؛ قال: كنا عند جابر بن عبد الله ، فقال: يوشك أهل العراق، أن لا يجبى إليهم: قفيز ولا درهم.

[ ص: 380 ] قلنا من أين ذاك؟ قال: من قبل العجم. يمنعون ذاك .

ثم قال: يوشك أهل الشام، أن لا يجبى إليهم: دينار، ولا مدي.

قلنا: من أين ذاك؟ قال: من قبل الروم) أي: النصارى. سبق شرحه قريبا.

"ويوشك": بضم الياء، وكسر الشين. معناه: "يسرع".

(ثم أسكت هنية). "أسكت" بالألف، في جميع نسخ بلاد النووي. وذكر عياض: أنهم رووه بحذفها، وإثباتها. وأشار إلى أن الأكثرين حذفوها.

"وسكت، وأسكت" لغتان. بمعنى: "صمت".

وقيل: "أسكت" بمعنى: أطرق.

وقيل: بمعنى "أعرض".

"وهنية": بتشديد الياء، بلا همزة. قال عياض: رواه لنا "الصدفي": بالهمزة. وهو غلط.

(ثم قال: قال رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: "يكون في آخر أمتي خليفة، يحثي المال حثيا. ولا يعده عدا.)

[ ص: 381 ] وفي رواية: "يحثوا".

قال أهل اللغة: يقال: "حثيت أحثي حثيا، وحثوت أحثو حثوا" لغتان. وقد جاءت اللغتان، في هذا الحديث. وجاء مصدر الثانية: على فعل الأولى وهو جائز. من باب قوله تعالى: والله أنبتكم من الأرض نباتا .

"والحثو" هو: الحفن باليدين.

وهذا الحثو الذي يفعله هذا الخليفة، يكون لكثرة الأموال والغنائم، والفتوحات. مع سخاء نفسه.

قاله النووي ، ولم يزد على ذلك. ولم يبين المراد من هذا الخليفة، من هو؟ وهل مضى، أو يكون؟

(قال: قلت لأبي نضرة، وأبي العلاء، أتريان أنه عمر بن عبد العزيز؟) الخليفة الأموي، الذي كان خير الناس في زمنه. ويقال له: "عمر الثاني"، لعدله وتقواه.

(فقالا: لا). وإنما أنكرا ذلك، لأن الحديث يدل على أن هذا الخليفة، يكون في آخر أمته، صلى الله عليه وآله وسلم. ولم يكن زمن [ ص: 382 ] "ابن عبد العزيز": آخر مدة هذه الأمة، لأحاديث أخرى وردت في بقائها، إلى مدة طويلة، وأمد بعيد.

وفي رواية أخرى، بلفظ: "ينمو في أمتي خليفة، يحثو المال في الناس حثيا" أخرجه الدارقطني. قال الشوكاني رحمه الله: رجاله رجال الصحيح. انتهى.

وهذا محمول على حديث الباب. والظاهر أن المراد بهذا الخليفة: هو "المهدي" الفاطمي، الموعود المنتظر، لتظاهر الأدلة على ذلك. وقد ذكرنا جملة الأحاديث الواردة فيه، عليه السلام، في (اليقظة) فراجعه.

التالي السابق


الخدمات العلمية